قوله:(غير متأثِّلٍ) بمثناة ثم مثلثة بينهما همزة، وهو اتخاذ أصل المال حتى كأنه عنده قديم، وأثلة كل شيء: أصله.
قوله:(قال في صدقة عمر) أي: في روايته لها عن ابن عمر كما جزم بذلك المزي في الأطراف (١). ورواهُ الإسماعيلي (٢) من طريق ابن أبي عمر عن سفيان عن عمرو بن دينار عن ابن عمر.
قوله:(وكان ابن عمر) هو موصول الإسناد كما في رواية الإسماعيلي (٣).
قوله:(لناس) بيّن الإسماعيلي أنهم آل عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العاص، وإنما كان ابن عمر يهدي منه أخذًا بالشرط المذكور وهو: ويؤكِلُ صديقًا له. ويحتمل أن يكون إنما أطعمهم من نصيبه الذي جعل له أن يأكل منه بالمعروف، فكان يُؤخِّره ليهديَ لأصحابه منه.
قال في الفتح (٤): وحديث عمر هذا أصل في مشروعية الوقف. وقد روى أحمد (٥) عن ابن عمر قال: أول صدقة - أي موقوفة - كانت في الإسلام صدقة عمر.
وروى عمر بن شبة (٦) عن عمرو بن سعد بن معاذ قال: "سألنا عن أول حبس في الإسلام، فقال المهاجرون: صدقة عمر، وقال الأنصار: صدقة رسول الله ﷺ، وفي إسناده الواقدي.
وفي مغازي الواقدي (٧) أن أول صدقة موقوفة كانت في الإسلام أراضي مُخَيريق بالمعجمة مصغرًا التي أوصى بها إلى النبي ﷺ فوقفها.
(١) (٦/ ١١٠). (٢) ذكره الحافظ في "الفتح" (٥/ ٤٠١). (٣) ذكره الحافظ في "الفتح" (٤/ ٤٩١). (٤) (٥/ ٤٠٢). (٥) في المسند (٢/ ١٥٦ - ١٥٧) بسند ضعيف لضعف عبد الله وهو ابن عمر العمري. لكن الحديث صحيح لغيره. (٦) لم أقف عليه عنده، بل ذكره الحافظ في "الفتح" (٥/ ٤٠٢). (٧) قال الواقدي في "المغازي" (١/ ٢٦٢ - ٢٦٣): "وكان مُخَيريق اليهودي من أحبار اليهود، فقال يوم السبت ورسول الله ﷺ بأُحُد: يا معشر اليهود، والله إنكم لتعلمون أنَّ محمدًا نبيٌّ، وأنَّ نَصْرَه عليكم لحَقّ، قالوا: إن اليوم يوم السبت. قال: لا سبت! ثم أخذ سلاحه ثم حضر مع النبي ﷺ فأصابه القتلُ. فقال رسول الله ﷺ: "مُخَيريق خير يهود". وقد كان مخيريق حين خرج إلى أُحُد قال: إن أصبت فأموالي لمحمد يضعها حيث أراه الله! فهي عامّة صدقات النبي ﷺ ". اهـ.