وفيه وعيدٌ شديدٌ، وزجرٌ بليغٌ وتهديدٌ؛ لأنَّ مجرَّد المضارة في الوصية إذا كانت من موجبات النَّار بعد العبادة الطويلة في السنين المتعدِّدة فلا شكَّ أنَّها من أشدِّ الذنوب التي لا يقع في مضيقها إلا مَن سبقتْ له الشقاوةُ، وقراءة أبي هريرة للآية لتأييد معنى الحديث وتقويته؛ لأن الله سبحانه قد قيد ما شرعه من الوصيَّة بعدم الضرار، فتكون الوصيةُ المشتملة على الضرار مخالفةً لما [شرعه](١) الله تعالى وما كان كذلك فهو معصيةٌ.
وقد تقدم قريبًا عن ابن عباس مرفوعًا وموقوفًا بإسناد صحيح: أن وصية الضرار من الكبائر، وذلك مما يؤيِّد معنى الحديث؛ فما أحقّ وصية الضرار بالإبطال من غير فرق بين الثلث وما دونه وما فوقه.
وقد جمعت في ذلك رسالة مشتملة على فوائد (٢) لا يستغنى عنها.
[الباب الثاني] باب ما جاءَ في كراهة مجاوزة الثلث والإيصاء للوارث
(١) في المخطوط (ب): شرع. (٢) الرسالة رقم (١٦٠) وعنوانها: "جواب سؤال ورد من أبي عريش حول الوصية بالثلث" وهي ضمن "الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني" (١٠/ ٤٨٦٥ - ٤٨٨٠) بتحقيقي. (٣) أحمد في المسند (١/ ٢٣٠) والبخاري رقم (٢٧٤٣) ومسلم رقم (١٠/ ١٦٢٩). وهو حديث صحيح.