طال إشرافًا فحين سما … توَّجُوها ما به شَرُفا
من أنابيبَ تميسُ إذا … طَيرُ شاذِرْوَانها هَتَفا
مُغْرَمٌ بالبَهْو فَهْو متى … هَفَّ مِنْ شوقٍ إليه هفا
وقال: [من الطويل]
ولي زَفَرَاتٌ تَسْتَهِلُّ صبابةً … عليكُمْ إذا بَرْقُ العقيقِ تأَلَّقا
أَلِفْتُ الهوى حتى حَلَتْ لي صروفُهُ … ورُبَّ نعيمٍ كان جالبَه شقا
ألذُّ بما أشكوه مِنْ ألمِ الجوى … وأَفْرَقُ إنْ قلبي من الوَجْدِ أفرقا
وأذْهَلُ حتى أَحْسِبُ الصَّدَّ والجفا … بمُعْتَرَكِ الذِّكرى وصالًا ومُلْتقى
فها أنا ذو حالَيْنِ أما تَصَبُّري … فحيٌّ وأما سَلْوتي فلكَ البقا (١)
وقال في دمشق: [من البسيط]
أرضٌ تُحاكي الأماني مِنْ محاسنِها … بحيثُ تَجْتَمِعُ الدُّنيا وتَفْتَرِقُ
إذا شدا الطَّيرُ في أغضانِها وَقَفَتْ … على حدائقها الأسماعُ والحَدَقُ
وقال: [من البسيط]
يا أهلَ بابلَ أنتمْ أَصلُ بِلْبالي … رُدُّوا فؤادي على جُثْمانيَ البالي
لا، واعتناقِ هواكُمْ بعد فُرْقتِكُمْ … ما كان صَرْفُ النَّوى منكُمْ على بالي
وإنَّما اعترضَتْ بيني وبينكُمُ … نوائبٌ أَرْخَصَتْ من دَمْعيَ الغالي
لولا مكانُ هواكُمْ مِنْ محافظتي … لما صرفْتُ إليكُمْ وَجْه آمالي
سَلَوْتُ عن غيركُمْ لَمَّا عَلِقْتُ بكم … وَجْدًا أَلا فاعْجبوا للعاشقِ السَّالي
فانْظُرْ إلى عَبَراتي بَعدَ بُعدِهمُ … إنْ أنتَ لم ترَ حالي بعد ترحالي
أقول للائمِ المُهْدِي ملامتَهُ … ضلالةُ القَلْبِ في أكناف ذي ضال
دَعْني أَفُضَّ شؤوني مِنْ معالمها … فالدَّمْعُ دمعيَ والأطلالُ أطلالي (٢)
(١) الأبيات في "خريدة القصر" قسم شعراء الشام: ١/ ١٢٥.
(٢) الأبيات في "الخريدة": ١/ ١٣٤ - ١٣٥.