يَلْقاكَ في شَرَفِ العُلا متواضعًا … حتى يُرى المقصودُ مِثْل القَاصِدِ
أُمْنيَّةٌ للمُعْتفي ومَنِيَّةٌ … للمُعْتَدِي وشريعةٌ للوارِدِ
لا تَحْسِبُوا أَنِّي انفَرَدْتُ بحَمْدِهِ … هيهاتَ كم لمحمَّدٍ مِنْ حامِدِ
مَجْدٌ على عرش السِّماكِ وهِمَّةٌ … ترقى السُّها بجناحِ جَدٍّ صاعِدِ
أنا روضةٌ تُزْهى بكلِّ عجيبةٍ … أفرائدي من لم يَفُزْ بفرائدي؟
إنْ ساقني طَلَبُ الغِنى أو شاقني … حُبُّ العُلا فلقد وَرَدْتُ موارِدِي
ومتى عددتُ إلى نَدَاك وسائلي … اعدَدْتُ قَصدي من أَجَلِّ قصائِدِي
حتى أعودَ من امتداحك حاليًا … وكأنَّني قُلِّدْتُ بعضَ قلائدي
ما كانت الأيامُ تُخْلِفُ مَوْعِدِي … أبدًا وحُسْنُ الظَّنِّ عندك رائدي (١)
وقال أيضًا من شعره: [من المديد]
مَنْ لقلبٍ يألَفُ الفِكَرا … أو لعينٍ ما تذوقُ كَرَى
ولصَبٍّ بالغَرَامِ قضى … ما قضى في حُبِّكُمْ وطَرَا
وَيْحَ قَلْبي من هوى قَمَرٍ … أنكرتْ عَيْني له القَمَرا (٢)
وقال يمدح بني الصُّوفي [وقد بنوا] بَهوًا وبِرْكةً فيها شاذِرْوان (٣): [من المديد]
يا بنيّ الصُّوفي زرْتُكُمُ … طائفًا بالبيتِ مُعْتْكِفا
فرأيتُ الغيثَ مُغْترفًا … مِنْ أياديكُمْ ومُعْترفا
من رأى أخلاقَكُمْ أَنفا … أنْ يَرُوْدَ الرَّوْضةَ الأُنُفا
ذاتُ بَهْوٍ مَنْ ألمَّ بها … وصفَا تَحْبيرُهُ وَصَفا
عاقِد في الجوِّ منطقَه … لا يرى طَرْفٌ لها طَرَفا
(١) انظر القصيدة في "خريدة القصر" قسم شعراء الشام: ١/ ١٠٣ - ١٠٦.
(٢) الأبيات في "تاريخ ابن عساكر" (خ) (س): ١٦/ ٤٧.
(٣) الشاذروان: هو ما ترك من عرض الأساس في البناء خارجًا، ويسمى التأزير. انظر "معجم متن اللغة": ٣/ ٢٩٤، و"شفاء الغليل": ١٦٣، وما بين حاصرتين زيادة من عندنا لتستقيم العبارة.