وقال في الرِّزْق: [من الطويل]
وقائلةٍ سِرْ وابْتَغِ الرِّزْقَ طائفًا … فإنَّك فيما لا يفيد لطائفُ
فقلتُ دَعيني ربَّ ساعٍ مخيَّبٍ … وللهِ في كلِّ الأمورِ لطائِفُ (١)
وقال: [من الطويل]
رمَتْني صروفُ الدَّهْرِ بين معاشرٍ … أصحّهم وُدًّا عدوٌّ مخاتِلُ
وما غُرْبةُ الإنسانِ في بُعدِ داره … ولكنَّها في قُرْبِ من لا يُشاكِلُ (٢)
وقال، وكان قد حُبس: [من الطويل]
ولو لم أكن حُرَّ الخلائقِ ماجدًا … لما كان دَهْري ينطوي بي على ضِغْنِ
وما مَرَّ بي كالسِّجْن فيه مُلِمَّةٌ … وشَرٌّ من السِّجْن المصاحِبِ في السِّجْنِ
أظنُّ الليالي مُبْقياتي لحالةٍ … تُبدِّلُ فيها حالتي هذه عنِّي
وإلا فما كانت لتُبْقي حُشاشتي … على طُول ما ألقى من الذُّلِّ والغَبْنِ
وكم شامِتٍ بي أن حُبِسْتُ وما درى … بأنَّ حُسامًا صِينَ حدَّاه بالجَفْنِ
متى صَفَتِ الدُّنيا لحُرٍّ فأبتغي … بها صَفْوَ عيشٍ أو خُلُوًّا من الحُزْنِ
وهل هي إلا دارُ كلِّ مُلِمَّةٍ … أَمَضّ لأحشاءِ الكرامِ من الطَّعْنِ (٣)
وأحسن ما قال: [من الطويل]
سَكَنْتُكِ يا دارَ الفَناءِ مُصَدِّقًا … بأنِّيَ في دارِ البقاءِ أصيرُ
وأَعْظَمُ ما في الأَمْرِ أنِّيَ صائِرٌ … إلى عادلٍ في الحُكْمِ ليس يجورُ
فيا ليتَ شِعْري كيفَ ألقاه بعدها … وزادي قليلٌ والذُّنوب كثيرُ
فإنْ أكُ مَجْزِيًّا بذنبي فإنَّني … بحَرِّ عذابِ المُذْنبين جديرُ
وإن يكُ عفوٌ ثُمَّ فَضْلٌ ورحمةٌ … فَثَمَّ نعيمٌ دائمٌ وسرورُ (٤)
توفي في سنة ست وأربعين، وقيل: سنة تسعٍ وعشرين وخمس مئة.
(١) "الخريدة": ١/ ٢٣٩.
(٢) "الخريدة": ١/ ٢٤٨.
(٣) "الخريدة": ١/ ٢٥٥.
(٤) "طبقات الأطباء": ٥٠٣ - ٥٠٤، و"وفيات الأعيان": ١/ ٢٤٦.