وقال: [من الوافر]
أَيُحْيي الدَّهْرُ منِّي ما أماتا … ويُرْجِعُ مِنْ شبابي ما أفاتا
وما بَلَغَ الفتى الخمسينَ إلا … ذوي غُصنُ الصَّبا منه فماتا
بكيتُ على الفُرَات غداةَ شَطُّوا … وظنَّ النَّاسُ مِنْ دمعي الفُراتا
أُسائِلُ عن جُفوني كيفَ أضحتْ … وعن قَلْبي المُعَنَّى كيفَ باتا
أما لو عادَني لأَعادَ رُوحي … وأَحْيا أَعْظُمي الرِّقمَ الرُّفاتا (١)
وقال يمدح يحيى بن تميم بن باديس: [من السريع]
صبٌّ براه السُّقْم بَرْيَ القِداحْ … يَوَدُّ لو ذاق الرَّدى فاسْتَراحْ
لم يَرِمِ الوَجْدُ حشاه ولا … خَلَتْ له جارحةٌ من جِراحْ
له إذا آنسَ بَرْقَ الحِمى … جوانحُ تَخْفُقُ خَفْقَ الجَنَاحْ
وإنْ شَدَتْ وَرْقاءُ في أيكةٍ … عاوَدَه ذِكْر حبيبٍ فَنَاحْ
أصبحتُ في حَلْبة أهلِ الهوى … يَرْكُضُ بي طِرْفٌ (٢) شديدُ الجِماحْ
وفي سبيلِ الحُبِّ لي مهجةٌ … كان لها صَبْرٌ جميلٌ وطاحْ
يا بنَ الملوكِ الصِّيدِ من حِمْيَرٍ … ووارثِ المَجْدِ القديم الصُّراحْ
لِيَهْنكَ الجَدُّ الذي نِلْتَهُ … بالجدِّ من أَمْرِك لا بالمُزاحْ
مَزَجْتَ بالبأسِ النَّدى والتُّقى … مِلْحٌ أُجاجٌ وزُلال قَرَاحْ
كم مَنْهَلٍ مُطَّرِدٍ بالرَّدى … في موقف مُشْتَجِرٍ بالرِّماحْ
أَوْرَدْتَه كلّ سليمِ الشَّظى … مُنَعَّلَةٌ أَرْبَعُهُ بالرِّياحْ
كأنَّما سُرْبِلَ جُنْح الدُّجى … وبُرْقِعَتْ غُرَّتُه بالصَّباح (٣)
وقال في الشمعة: [من الطويل]
وناحلةٍ صفراءَ لم تَدْرِ ما الهوى … فتبكي لِهَجْرٍ أو لطول بِعادِ
حكتني نُحولًا واصفرارًا وحُرْقَةً … وفيضَ دموعٍ واتِّصال سُهادِ (٤)
(١) "الخريدة": ١/ ١٩٨.
(٢) الطِّرْف، بالكسر -من الخيل: الكريم والعتيق. "اللسان" (طرف).
(٣) "الخريدة": ١/ ٢٠٨ - ٢٠٩.
(٤) "الخريدة": ١/ ٢١٣.