وقال المُرْتَعشُ: سمعت النُّوريَّ يوصي بعضَ أصحابه ويقول: احتفظ بهذه الخصال؛ مَنْ رأيته يدَّعي مع الله حالًا يُخرجه عن الشريعة فلا تقربنَّ منه، والثانية: مَنْ رأيته يسكن إلى غيرِ أبناء جنسه فلا تقربنَّ منه، والثالثة: مَنْ رأيته يَرْكَن إلى الرِّياسة والتعظيم فلا ترجُ فلاحَه، والرابعة: مَنْ رأيته رجع من الآخرة إلى الدُّنيا فلا تخالطْه، والخامسة: مَنْ رأيته مستغنيًا بعِلْمه فلا تأمننَّ جهلَه، والسادسة: مَنْ رأيته يدَّعي مع الله حالة باطنةً ولا يَشهد له بها ظاهرُه، فلا تقربنَّ منه، والسابعة: مَنْ رأيته يسكنُ إلى نفسه فاحذره؛ فإنَّه مخدوع، والثامنة: مَنْ رأيته في بدايته يميلُ إلى القصائد فلا ترجُ فلاحَه، والتاسعة: فقيرٌ لا تراه حاضرًا عند السَّماع فاتَّهِمْه، والعاشرة: مَنْ رأيته مدَّعيًا حالةَ الكمال فلا تقربنَّ منه (١).
وسئل عن الرِّضا فقال: سرورُ القلب بمُرِّ القضاء.
وقال: لا تصل إلى الله حتَّى تخوضَ سبع بحار من نار، وعسى يبدو لك أوائلُ المعرفة.
وقال لفقير: لمن صحبت؟ فقال: لأبي حمزة الخراسانيّ، فقال: الذي يشيرُ إلى القُرب؟ قال: نعم، قال: إذا لقيتَه فقل له: يقول لك فلان: قُرْبُ القُرْب الذي تشير إليه بُعدُ البُعْد مما أنت عليه.
وقال: إذا امتزجت نارُ التعظيم مع نُور الهيبة في السِّرِّ هاجت ريحُ المحبَّة من حُجُب العطف على النَّار والنُّور، فتتلاشى البشريَّة، فيتولَّد من ذلك المشاهدة.
وسئل عن الرِّضا؟ فقال: لو أسكنني الدَّرْكَ الأسفلَ من النَّار لكنتُ أرضى مِمَّن هو في الفِردوس الأعلى (٢).
ومن شعره:[من البسيط]
كم حَسْرةٍ ليَ قد غصَّت مرارتُها … جعلتُ قلبي لها وقْفًا لذكراكا
وحَقِّ ما منك يُبكيني ويُقلقني … لأبكينَّك أو أحظى بلُقياكا (٣)