[قال ابن عساكر: هو أحدُ الزهَّاد والعبَّاد الأتقياء، وأول من أظهر لسان التوحيد ببغداد]، ولزمَ بيتَه، وانقطعَ عن الناس وأسبابهم (١)، [قال:] وكان الإمام أحمد ﵀ إذا ذكر سريٌّ يقول: ذاك الشيخُ الَّذي يُعْرَف بطيب الغذاء، وتصفية القوت، وشدَّةِ الورع (٢).
ذكر طرف من عبادته وزهده وورعه [وخوفه] ونحو ذلك:
[وحكى الخطيب عن الجنيد قال:](٣) ما رأيتُ أعبدَ من سريّ، أتت عليه ثمانٌ وتسعون سنة ما رُئي مُضطجعًا إلَّا فِي علَّة الموت (٤).
[وحكى الخطيب عن علَّان الخياط قال:](٥) اشترى سَرِيٌّ كُرَّ لوز بستين دينارًا، وكتب فِي روزنامجة (٦): ربحُه ثلاثةُ دنانير، فصار [الكرّ] يساوي تسعين دينارًا، فجاء الدلَّال يشتريه منه، فقال له سريّ: خذه بثلاثةٍ وستين دينارًا، فقال له الدلَّال: قد بلغَ الكُرُّ تسعين دينارًا، فقال له سري: قد عاهدتُ الله أنِّي أبيعُه بـ[ربح] ثلاثة دنانير، فقال الدلال: وأنا عاهدتُ الله أن لا أغشَّ مسلمًا، فلا سريٌّ باع ولا الدلالُ اشترى (٧).
وقال أبو الورد: دخلتُ على سريٍّ وبين يديه دَوْرَقٌ مكسور وهو يبكي، فقلت: ما يبكيك؟! أنا أشتري لك عوضَه بدانق، فقال: كيف لا أبكي؟! وأنا أعرفُ من عملَه، ومن [أين](٨) طينه، والدانقُ الَّذي اشتريَ به، وأيَّ شيءٍ أَكَلَهُ الَّذي عملَه حتَّى فرغَ منه (٩).
(١) تاريخ دمشق ٧/ ٧٧، ٧٨ (مخطوط). (٢) تمام الكلام -كما فِي تاريخ دمشق ٧/ ٧٩: قال أبو علي الحسن البزار: سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل عن السريّ بعد قدومه من الثغر، فقال أبو عبد الله: أليس الشيخ الَّذي يعرف بطيب الغذاء؟ قلت: بلى، قال: هو على ستره عندنا قبل أن يخرج، وقد كان السري يكثر من ذكر طيب الغذاء وتصفية القوت وشدة الورع، حتَّى انتشر ذلك عنه، وبلغ ذلك أحمد بن حنبل فقال: للشيخ الَّذي يعرف بطيب الغذاء. اهـ. وانظر صفة الصفوة ٢/ ٣٧٨. (٣) ما بين حاصرتين من (ب). وفي (خ) و (ف): قال الجنيد. (٤) تاريخ بغداد ١٠/ ٢٦٦. (٥) ما بين حاصرتين من (ب). وفي (خ) و (ف): وقال علان الخياط. (٦) روزنامجه: مصغر روزنامه؛ الدفتر اليومي للتجار. المعجم الذهبي ص ٣٠٢. (٧) تاريخ بغداد ١٠/ ٢٦٣. (٨) لفظة "أين" من تاريخ بغداد ١٠/ ٢٦٣. (٩) من قوله: وقال أبو الورد … إلى هنا. ليس فِي (ب).