[قال الخطيب:] ولمَّا خرجوا بسريره تعلَّق به جماعة ممَّن كان يعولُهم ويقوم بهم، فأنشدَ واحدٌ منهم: [من البسيط]
اليومَ مات نظامُ الفَهم واللَّسَنِ … وماتَ من كان يُعْدِينا (١) على الزمنِ
وأظلمت سُبُلُ الخيراتِ إذ حُجِبت … شمسُ العوارفِ في غيمٍ من الكفنِ
وقال آخر: [من الكامل]
تَرك المنابرَ والسرير تواضعًا … وله منابرُ لو يشَا وسريرُ
ولغيره يُجْبَى الخراجُ وإنَّما … تُجْبَى إليه محامدٌ وأجورُ
وقال آخر: [من الطويل]
وليس نسيمَ المسك ريحُ حَنُوطه … ولكنَّه ذاك الثناء المخلَّفُ
وليسَ صريرَ النعشِ ما يسمعونه … ولكنَّه أصلابُ قومٍ تقصَّفُ (٢)
وقد (٣) أكثر الناس فيه الهجو بعد المدح لما أظهر من البدع، فقال فيه ابن شراعة البصريّ لما فلج: [من الكامل]
أفلتْ نجومُ سعودك (٤) ابنَ دؤاد … وبدتْ نُحوسُك في جميع إيادِ
فرحتْ بمصرعك البريَّةُ كلُّها … من كان منها موقنًا بمعادِ
لم يبقَ منك سوى خيالٍ لامع … فوقَ الفراش ممهَّدًا بوسادِ
أطراك يا ابن أبي دؤادٍ مدحُنا (٥) … فجريتَ في ميدانِ إخوةِ عاد
لم تخشَ من ربِّ السماء عقوبةً … فسنَنْتَ كلَّ ضلالةٍ وفسادِ
كم من كريمة معشرٍ أرملتَها … ومحدِّثٍ أوثقتَ (٦) في الأقيادِ
إنَّ الأسارى في السجون ليفرحوا (٧) … لما أتتكَ مواكبُ العوَّادِ
(١) في تاريخ بغداد ٥/ ٢٤٥: يستعدى.
(٢) تاريخ بغداد ٥/ ٢٤٥ - ٢٤٦.
(٣) من هنا إلى قوله: ذكر أقوال العلماء فيه. ليس في (ب).
(٤) في تاريخ بغداد ٥/ ٢٥٠: سعود نجومك. بدل: نجوم سعودك.
(٥) في المصادر: أطغاك يا ابن أبي دؤاد ربنا.
(٦) في (خ) و (ف): أوعيت. والمثبت من المصادر.
(٧) في المصادر: تفرَّجوا.