لها البطريق: إيش يعمل بي، يقفز عليَّ بالأبلق. وبلغ المعتصم، فلمَّا فتح عَمُّورية لم يكن له همٌّ سواها، وطلبها فحضرت، وأحضرَ البطريق، وقال لها. نادي كما ناديت، فقالت: وامعتصماه، فقال: لبيكاه، ومدَّ البطريق وقفزَ عليه بسبعين ألف أبلق.
[وقال الخطيب: لمَّا تجهَّز المعتصمُ] (١) لفتح عَمُّورية حكم المنجِّمون أنَّه لا يعود من غَزاته، وإن عاد كان معلولًا (٢) خائبًا، فكان من ذلك الفتح العظيم ما لم يكن في الحساب، فقال أبو تمام: [من البسيط]
السيفُ أصدقُ أنباءً من الكتب … في حدِّه الحدُّ بين الصدق والكذبِ (٣)
[ومعناه: السيف أصدق أخبارًا من كتب المنجمين وكذبهم.] (٤)
بيضُ الصفائح لا سودُ الصحائفِ في … مُتونهنَّ جلاءُ الشكِّ والريبِ
والعلمُ في شُهُبِ الأرماح لامعةً … بين الخميسين لا في السبعة (٥) الشهب
أين الروايةُ أم أين النجوم وما … صاغُوه من زخرفٍ فيها ومن كَذِبِ
تخرُّصًا وأحاديثًا مُلفَّقةً … ليستْ بنبعٍ إذا عُدَّت ولا غربِ
عجائبًا زعموا الأيام مجفلةً (٦) … عنهنَّ في صفرِ الأصفارِ أو رجبِ
وخاوفوا (٧) الناس من دَهياء مظلمةٍ … إذا بدا الكوكبُ الغربيُّ ذو الذنبِ
وصيَّروا الأبرجَ العليا مُرتِّبةً … ما كان منقلِبًا أو غيرَ منقلِبِ
يَقضون بالأمر عنها وهي غافلةٌ (٨) … ما كان في فلكٍ منها وفي قُطُبِ
(١) ما بين حاصرتين من (ب)، وفي (خ) و (ف): وكان المعتصم لما تجهَّز.
(٢) في (ف): مغلوبًا.
(٣) في ديوان أبي تمام: بين الجدِّ واللعب.
(٤) ما بين حاصرتين من (ب). وليس فيها من القصيدة إلا بيتها الأول.
(٥) في (خ) و (ف): جامعة. بدل: لامعة، و: الحبيسين بدل: الخميسين. و: التسعة. بدل: السبعة. وكله تصحيف، والتصويب من الديوان.
(٦) في (خ) و (ف): تجعله. وهو تصحيف. قال التبريزي في شرحه على الديوان ١/ ٤٣: ويروى: مجفلة ومجليةً، والأصلان مختلفان ولكن المعنيين يتقاربان، تقول: أجفلت الحمر والنعام إذا أحسَّت بأمرٍ يَذعرها، فهربت منه بعجلة ورعب، ويقال: أجلى القومُ عن القتيل إذا انكشفوا عنه …
(٧) في الديوان: وخوفوا.
(٨) في (خ) و (ف): فاعلة. وهو خطأ، والصواب من الديوان.