فأُدخلت عليه، [فقال: من أنت؟ فانتسبت](١) له، فقال: الحمد لله الذي جعلَ ثوابَ هذا السهم لرجلٍ من أهلي، ثم قال: بعني هذا الثواب، فقلت: يا أمير المؤمنين، ليس الثَّوابُ ممَّا يُباع، قال: فإنِّي أرغبُك، فأعطاني مئة ألف درهم، فقلت: لا أبيعُ ثوابي، فبلغها إلى خمس مئة ألف درهم، فقلت:[ما أبيعه](٢) بالدنيا وما فيها، ولكن قد جعلتُ لك نصفَ ثوابه، والله يشهد عليَّ بذلك، فقال: جزاك الله خيرًا، قد رضيت [بهذا]، ثمَّ قال: فأين تعلَّمتَ الرمي؟ قلت: بالبصرة في داري، فقال: بِعْنِيهَا، فقلت:[هي] وقف على من يتعلَّم الرمي، فوصلني بمئة ألف درهم (٣).
وقال الصوليّ: لمَّا فعل توفيل بالمسلمين ما فعل شقَّ [ذلك] على المعتصم، فوقف أمواله وعقاره على ولده والفقراء والمساكين، وأقسم أنَّه لا يرجع عن الروم حتى يفعلَ ما لم يفعله خليفةٌ، وسار في جيوشٍ لم يقدر أحدٌ على جمعها، ويقال: إنَّه كان في خيله ثمانونَ ألف أبلق وثمانونَ ألف أدهم، فلمَّا فتح عَمُّورية قتل من أهلها ستين ألفًا.
[قال: وسببُ فتوحها أنَّ برجًا كان قد انهدمَ منها، فبنوه على غير أساس، ونزلَ إليه أسيرٌ فتدلَّى بحبل، فأخبره خبره، فهدمَه بالمجانيق.
وقال الخطيب: عن يحيى بن أكثم قال:] (٤) كنتُ مع المعتصم (٥) في بلاد الروم، فمررنا براهبٍ في صومعته، فقلت: يا راهب، أترى هذا الملك يدخلُ عمورية، قال: لا، إنَّما يدخلها ملكٌ أكثر أصحابه أولاد زنا، فلمَّا دخل المعتصمُ الروم أخبرتُه، فقال: أنا والله صاحبها، لأنَّ أكثر جندي أتراك وأعاجم، ففتحَها.
حديث العلويَّة:
[روى لنا أشياخنا أنَّه] كان في السبايا التي سباها توفيل من زِبَطْرة امرأةٌ شريفةٌ، فأخذها بطريقٌ [من] أهل عَمُّورية فعذَّبها (٦) حتى تتنصر، فصاحت: وامعتصماه، فقال
(١) في (خ) و (ف): وانتسبت. والمثبت بين حاصرتين من (ب). (٢) في (خ) و (ف): لا أبيع ثوابي. والمثبت من (ب). (٣) المنتظم ١١/ ٨٣. وما سلف بين حاصرتين من (ب). (٤) ما بين حاصرتين من (ب). وفي (خ) و (ف): وقال يحيى بن أكثم. (٥) في (خ) و (ف) و (ب): المأمون. وهو خطأ. والتصويب من تاريخ بغداد ٤/ ٥٥٠. (٦) في (ب) -وما سلف بين حاصرتين منه-: يعذبها.