بشر [بن الحارث] الحافي وسريّ السقطي، كبير الشأن في علم المعاملات والورع، [ويُحكى عنه من الحكايات من جنس ما حكينا عن فتح الموصلي الذي ذكرناه في سنة سبعين ومئة.
وأنبأنا جدِّي ﵀ عن محمَّد بن أبي منصور بإسناده إلى] إبراهيم (١) بن موسى يقول: سمعت فتحًا في يوم عيد، [وقد] رأى على الناس الطيالسَ والعمائم، فقال: يا إبراهيم إنَّما ترى ثوبًا يبلى، وجسدًا يأكله الدود غدًا، هؤلاء قومٌ أنفقوا خزائنهم على بطونهم، ويَقْدُمون (٢) غدًا على ربهم مفاليس (٣).
[وروى أبو نعيم الأصفهاني عن] عمران بن موسى الطَّرَسُوسيّ قال: مرَّ فتحٌ بصبيين، مع أحدهما كِسرةٌ عليها كامَخٌ، ومع الآخر كِسرةٌ عليها عسل، فقال صاحب الكامخ لصاحب العسل: أطعمني من عسلك، فقال: إن صرتَ لي كلبًا أطعمتكُ، فقال: نعم، فجعل في عنقه حبلًا وجعل يقوده [ويضربه] ويقول [له]: انبح انبح.
فقال له فتح [الموصلي]: لو قنعتَ بكامَخك ما صرتَ كلبًا له، ثم قال: هكذا الدنيا (٤).
[وذكر ابنُ أبي الدنيا أنَّ فتحًا جاء](٥) إلى بيت صديقٍ له يقال له: عيسى التمَّار، فقال لجاريته: أخرجي لي كيس أخي، فأخرجَتْهُ، فأخذ منه درهمين ومضى، وجاء عيسى، قال: فأخبرته، فقال: إنْ كنتِ صادقةً فأنت حرَّةٌ لوجه الله، فعَتَقت (٦).
[وأنبأنا مشايخنا عن شَهدة بنت أحمد الكاتبة بإسنادها إلى عبد الله بن الفرج العابد قال:](٧) كان بالمَوْصل رجلٌ نصرانيٌّ يقال له: أبو إسماعيل، مرَّ ليلةً برجلٍ يقرأ: ﴿وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيهِ يُرْجَعُونَ﴾ [آل عمران: ٨٣]
(١) ما بين حاصرتين من (ب). وفي (خ) و (ف): قال إبراهيم … (٢) في (ب): وقد يقدمون. (٣) المنتظم ٢/ ١١٦. (٤) حلية الأولياء ٨/ ٢٩٣. وما سلف بين حاصرتين من (ب). (٥) ما بين حاصرتين من (ب)، وفي (خ) و (ف): وجاء فتح. (٦) الإخوان لابن أبي الدنيا (١٦٢). (٧) ما بين حاصرتين من (ب)، وفي (خ) و (ف): وقال عبد الله بن الفرج العابد.