قلت: نعم، فخطب وزوَّجني إياها على أربع مئةِ درهم.
ودخل مروانُ بن أبي حفصةَ على المأمونِ فأنشده: [من البسيط]
قل للإمام الَّذي تُرجَى فواضلُه … رأسِ الملوكِ وما الأَذنابُ كالرَّاسِ
إنِّي أَعوذُ بهارونَ وعِترتِه … وقبرِ عمِّ (١) رسولِ الله عبَّاس
من أن تُشَدَّ رِحالُ العِيسِ راجعةً … إلى اليمامة من بغدادَ بالياس
لا تحرِمَنِّي عطاءً جئتُ آمُله … مِن بينِ مَن جاء يَبغيه من الناس
فقال المأمون: لا والله، وأَعطاه أربعةَ آلافِ دينار.
وقال إسحاقُ المَوصلي: جفاني المأمونُ مدَّة، فعملتُ بيتَين وقلتُ لعلّويه: غنِّ بهما في مجلسه وهما: [من البسيط]
يا سَرحةَ الماءِ قد سُدَّت مواردُه … أَمَا إليكِ سبيلٌ غيرُ مسدودِ
لحائمٍ (٢) حامَ حتَّى لا حياةَ (٣) به … مُحلَّأٍ عن طريق الماءِ مطرود
فقال المأمون: لمن هذا؟ فقال علُّويه: لعبدٍ من عبيدك جفوتَه واطَّرحته، فقال: ومَن هو؟ قال: إسحاقُ الموصلي، فأَحضرني ورضي عني ووصلني.
وغنى علُّويه بين يديه: [من الطويل]
وإنِّي لَمشتاقٌ إلى ظلِّ صاحبٍ … يَروق ويصفو إنْ كَدَرتُ عليهِ
فقال المأمون: أَعطوني هذا الصاحبَ وخذوا مني نصفَ الخلافة.
وله بيتٌ ثانٍ:
عَذيري من الإنسان لا إنْ جفوتُه … صفا لي ولا إنْ كُنْتُ طَوعَ يديهِ
وهو لا يوافق البيتَ الأوَّل، وهما لأبي العتاهِيَة (٤).
قال المصنِّف ﵀: قلت أنا بعد الأوَّل:
(١) في العقد الفريد ٣/ ٤٣٦: وبابن عم. ونسب الأبيات لأعرابي، وهي ليست في ديوان مروان بن أبي حفصة.
(٢) في (خ) و (ف): بحائم، والمثبت من الأغاني ٥/ ٣٨٣، ولسان العرب (حلأ) وقد تقدم ص ٧٢.
(٣) في الأغاني: صيام، وفي اللسان وبعض نسخ الأغاني: حوام.
(٤) انظر ديوانه ص ٤١٨.