مدح الخلفاءَ وأبا دُلَفٍ العِجْلي، فأَفرط في قوله، ومن ذلك قولُه: [من البسيط]
أنت الذي تُنْزل (١) الأيامَ منزلَها … وتَنقُل الدهرَ من حالٍ إلى حالِ
وما مددتَ مَدَى طَرْفٍ إلى أَحدٍ … إلَّا قضيتَ بأرزاقٍ وآجال
فأعطاه [أبو دُلَف] مئة ألفِ درهمٍ وقال: واللهِ لو أعطيتُه مئةَ ألف دينارٍ ما وفيتُ له، ولا كنتُ قاضيًا حقَّه.
ولما بلغ المأمونَ قولُه دعاه وقال له: فضَّلتَ أبا دُلَفٍ على العرب كلِّها في أَشعارك، وأدخلتَ في ذلك قريشًا وآلَ رسولِ الله ﷺ وعِترتَه، وأنا لا أستحلُّ دمَك بهذا، بل أكفِّرك بقولك:
أنت الذي تُنْزل الأيامَ منزلَها
وذكر البيتَين وقال: ما يَقْدر على ذلك إلَّا اللهُ تعالى. فيقال: إنَّه أَمر به فسُلَّ لسانُه من قَفاه، والصحيحُ أنَّه هرب من المأمون فمات ببغدادَ في هذه السَّنةِ ولم يُقْدر عليه.
[وقال الخطيب: مدح ابن جبلة حميد بن عبد الحميد الطوسي فبالغ، فقيل له: بالغت فِي مدحه، فقال: لا أمدح من كنت عنده في يوم سرور فأنشدته قصيدة فأمر أن يحمل إلي كل ما حمل إليه، مئة ألف درهم! (٢)
وفي حُميدٍ يقول:
لولا حُميدٌ لم يكن … حَسَبٌ يُعَدُّ (٣) ولا نَسَبْ
وروى الخطيبُ جملةً من أشعاره فقال (٤): أخبرني عليُّ بن أيوبَ الكاتب: حدَّثنا محمدُ بن عمرانَ المَرْزُباني: حدَّثني عليُّ بن هارونَ عن أبيه قال] ومن [مختار] شعرِه:
لو أنَّ لي صبرَها أو عندها جَزَعي … لكنتُ أَعلمُ ما آتي وما أَدَعُ
لا أَحملُ اللَّومَ فيها والغرامَ بها … ما حمَّل اللهُ نَفْسًا غيرَ ما تَسَعُ
(١) في (خ): نزل، والمثبت من (ب)، وهو الموافق لما في الديوان ص ٩٥.
(٢) لم نقف عليه في تاريخه، والخبر في المنتظم ١٠/ ٢٥٨، وفيه: يوم نيروز، بدل: يوم سرور ..
(٣) لفظة: يعد، ساقطة من (ب)، وأثبتها من الديوان ص ٣١.
(٤) في تاريخه ١٣/ ٢٨٠. وما بين حاصرتين من (ب).