لم يَكفِهِ أن حَزَّ أوداجَه … نحْرَ الهدايا بمُدى الجازِرِ
حتى انْبَرى يسْحَبُ أوصاله … في شَطَنٍ يُفني مَدَى السَّائر
فأَبلِغا المأمونَ عنِّي فقد … زيد على المأمورِ والآمر (١)
قولًا له يا ابنَ سَليلِ الهُدى (٢) … طَهِّرْ بلادَ اللهِ من طاهر
من أبيات. فلمَّا قرأها المأمونُ اشتدَّ عليه.
وقالت زُبيدة [أمُّ الأمين] (٣) -وقيل: إنَّ خُزَيمة بنَ الحسن قالها على لسانها: [من المديد]
قد رأيتُ الخُلْدَ يُنْتَهَبُ … وأَجيجُ النَّارِ تلتَهبُ
[وبه الأبكارُ صارخةٌ … ضجَّ منها الوَيلُ والحَرَب]
وأميرُ المؤمنين على التُّرْبِ … والأوداجُ تَنْشَخِبُ (٤)
ضربوه فوق مَفْرِقه … وَيحهم يَدرون مَن ضربوا
لو يكن بالرُّوم مَقتَلُه … لَبَكَتْه الرومُ والصُّلُب
أبصرتْ عيناي ويحهما … عَجَبًا ما مثلُه عَجَب
جسمَ روحٍ صَريخَ له … رأسه للناس قد نَصَبوا
[فأتى ما لا أقَدِّره … وحُتوف المرء تُجْتَلب
فصَبَرْتُ النَّفْسَ كارهةً … ودموعي الدَّهرَ تَنْسَكِبُ] (٥)
فحَياتي ما حَييتُ كُدًى … أو توراي وَجْهيَ التُّرُبُ
فعليه ما بدا فَلَقٌ … رَحْمةُ الرَّحمن تُرْتَقَبُ
وقال عن لسانها -وكتبت بها إلى المأمونِ أخي الأمين (٦): [من الطويل]
(١) رواية الطبري ٨/ ٤٨٩، وابن الأثير ٦/ ٢٨٨:
وأبلغا عني مقالًا إلى الـ … ـمولى على المأمور والآمر
(٢) في تاريخ الطبري: ولي الهدى، وفي تاريخ ابن الأثير: أبي الناصر.
(٣) ما بين حاصرتين من (ب).
(٤) أي: تنفجر. مختار الصحاح (شخب).
(٥) الأبيات التي بين حاصرتين من (ب). ولم نقف على القصيدة.
(٦) نسبت القصيدة لخزيمة بن الحسن في تاريخ الطبري ٨/ ٥٠٦، وابن الأثير ٦/ ٢٩٠، ونسبت في العقد الفريد ٣ / =