فبكى خالد، وأطلقَه وقال: لا تُعاشر المُعَرْبِدين (٣).
وقال خالد (٤): إني لَأُطْعِمُ كل يومٍ ستَّةً وثلاثين ألفًا من الأعراب التمرَ والسَّويق (٥).
[وحكى عن الأصمعيّ قال:] وجاءه أعرابيّ فقال: أيُّها الأمير، لم أصُنْ وجهي عن مسألتك، فصُنْ وَجْهَكَ عن رَدِّي، وضَعْني من معروفك حيثُ وضعتُك من رجائي. فأَمَرَ له بما سأل.
ودخل عليه رجل ومعه جِرابٌ، فقال: أيُّها الأمير، إن رأيتَ أن تملأَه لي دقيقًا. فقال: املؤوه دراهم. فخرجَ على الناس، فقالوا: ما صنع الأمير في حاجتك؟ فقال: سألتُه ما أشتهي، فأمرَ لي بما يشتهي (٦).
[وحكى أيضًا أبو القاسم عن ابن أبي الدنيا قال:] خرج [خالد] يومًا إلى ظاهر الكوفة ومعه الأشراف ووجوهُ الناس، وكان يومًا شديدَ البرد، فقام إليه رجل فقال: ناشدتُك اللهَ أيُّها الأمير لَمَا أمرتَ بضرب عنقي. قال: ولم؟! هل قطعتَ طريقًا، أو قتلتَ نفسًا؟ قال: لا، ولكن الفقر والحاجة. قال: تَمَنَّ. قال: ثلاثين ألفًا. فأمرَ له بها، ثم قال خالد لمن معه: هل علمتُم تاجرًا ربح في ساعةٍ سبعينَ ألفًا؟! قالوا: وكيف؟
(١) هو في "أنساب الأشراف" ٧/ ٤٣٤: حمزة بن بيض الحنفي، وفي "العقد الفريد" ٦/ ١٤٥: خلف بن خليفة. (٢) تاريخ دمشق ٥/ ٤٩١ (مصورة دار البشير)، والمصدران السابقان. (٣) المصدر السابق. (٤) في (ص): قال: وكان يقول على المنبر. (٥) أنساب الأشراف ٧/ ٤٢٨، وتاريخ دمشق ٥/ ٤٩١. (٦) تاريخ دمشق ٥/ ٤٩١ - ٤٩٢.