أبي الله إلا أن يُتَمِّمَ نُورَه … ويُطفِئَ نُورَ الفاسِقين فيَخْمُدا (١)
وينزِلَ ذُلًا بالعراقِ وأهلِه … كما نَقَضوا العَهْدَ الوَثيقَ المُؤكَّدا
وما أحدثوا من بِدعةٍ وعَظيمةٍ … من القَوْلِ لم تَصْعَد إلى الله مَصْعَدا
وما نَكَثوا من بَيعةٍ بعد بَيعةٍ … إذا ضَمِنوها اليوم خاسوا بها غدا
فكيف رأيتَ الله فَرَّق جَمْعَهم … ومَزَّقهم عُرْضَ البلادِ وشَرَّدا
فلا صِدقَ في قولٍ ولا صَبْرَ عندهم … ولكنَّ فَخْرًا فيهمُ وتَزَيُّدا
فقَتْلاهمُ قتلى ضَلالٍ وفِتْنةٍ … وحَيُّهمُ أمسى ذَليلًا مُطَرَّدا
ولما زَحَفْنا لابنِ يُوسُفَ غُدوةً (٢) … وأبْرقَ منّا العارِضان وأرْعَدا
قَطَعْنا إليه الخَنْدَقَين وإنما … قَطَعْنا وأفْضَينا إلى الموتِ مُرصِدا
فما لَبث الحجاجُ أن سَلَّ سيفَه … علينا فوَلّى جَمْعُنا وتَبَدَّدا
فيَهْنى أميرَ المؤمنين ظُهورُه … على أُمَّةٍ كانوا بُغاةً وحُسَّدا
وَجَدْنا بني مَروان خيرَ أئمَّةٍ … وأفضلَ هذي الناسِ حِلْمًا وسُؤدَدا
وخيرَ قُريشٍ في قريش أَرُومَةً … وأكرمَهم إلا النبيَّ مُحَمَّدا
إذا ما تَدَبَّرْنا عَواقِبَ أمرِه … وَجَدْنا أميرَ المؤمنين مُسَدَّدا
سيُغْلَب قَومٌ غالبوا الله جَهْرةً … وإن كايَدوه كان أقوى وأَكْيَدا
لقد تَركوا الأهْلِينَ والمال خَلْفَهمْ … وبِيضًا عليهنّ الجَلابيبُ خُرَّدا (٣)
يُنادِينَهم مُسْتَعبِراتٍ إليهمُ … ويُذْرِينَ دَمْعًا في الخُدودِ وإِثْمِدا
لقد شَأمَ المِصْرَين فَرْخُ محمّدٍ … بذُلٍّ وما لاقى من الطَّيرِ أَسْعدا
كما شَأمَ الله النُجَيرَ (٤) وأهلَه … بجَدٍّ له قد كان أَشْقى وأَنْكَدا
(١) كذا في الطبري ٦/ ٣٧٦، وفي الأغاني ٦/ ٦٠: نارَ الفاسقين فتخمدا. وهو الأنسب.
(٢) كذا في الطبري. وفي الاني: ضِلَّة، أي: ضلالًا. وهو الأشبه.
(٣) جمع خَرِيدة، وهي الفتاة العذراء.
(٤) هو حصن منيع باليمن قرب حضرموت، لجأ إليه أهل الرِّدَّة مع الأشعث بن قيس في أيام أبي بكر ﵁، فحاصره زياد بن لبيد البياضي حتى افتتحه عنوة وقتل من فيه وأسر الأشعث بن قيس وذلك سنة (١٢) للهجرة ينظر معجم البلدان ٥/ ٢٧٢.