وطالتْ به أحلامُه إنْ قَضَيتِهِ … وظَلَّ بما مَنَّيتِ يلمعُ حاجِبُهْ
أَجِدِّي وصالًا أو أَبِينِي صَرِيمةً … فأكرمُ أن لا يَكْذِبَ المرءَ صاحِبُهْ (١)
وقال جميل بن معمر في "الحماسة" (٢):
فليتَ رجالًا فيكِ قد نَذَرُوا دمي … وهَمُّوا بقَتْلِي يا بُثَينُ لَقُوني
إذا ما رأَوْني طالعًا من ثَنِيَّةٍ … يقولون مَنْ هذا وقد عرفوني
يقولون لي أهلًا وسهلًا ومَرْحبًا … ولو ظفروا بي ساعةً قتلوني
فكيف ولا توفي دماؤهمُ دمي … ولا مالُهم ذو كَثْرةٍ فيَدُوني (٣)
معناه: ليس في دمائهم كلِّها وفاء بدمي؛ لأني خطير (٤) شريف، وكان دية الشريف في الجاهلية ألفًا من الإبل؛ إلى أنْ نحرَ عبدُ المطَّلب المئة من الإبل عن ولده [عبد الله] فتقرَّر الأمر على ذلك.
وفيها يقول:
لَحَى اللهُ مَنْ لا ينفعُ الوُدُّ عندَه … ومَنْ حَبْلُهُ إنْ مُدَّ غيرُ مَتِينِ
ومَنْ هو إنْ تُحْدِثْ له العينُ نظرةً … يُقَضِّبْ لها أسبابَ كلِّ قَرِينِ
ومَنْ هو ذُو لونينِ ليس بدائمٍ … على خُلُقٍ خَوَّانُ كلِّ أمينِ (٥)
[والأبيات في ديوان جميل، وديوانُه مشهور، ومن شعره:]
حَلَّتْ بُثَينَةُ من قلبي بمنزلةٍ … بينَ الجوانحِ لم يَحْلِلْ بها أحدُ
وعاذلين لَحَوْني في محبَّتِها … يا ليتَهم وجدُوا مثلَ الذي أجدُ
لما أطالوا عتابي فيكِ قلتُ لهمْ … لا تُفْرِطُوا. بعضَ هذا اللوم، واقْتَصِدُوا
قد مات قبلي أخو هند وصاحبُهُ … مُرَقِّشٌ واشْتَفَى من عُرْوَةَ الكَمَدُ
وكلُّهُمْ كان في عِشْقٍ مَنِيَّتُهُ … وقد وَجَدْتُ بها فوق الذي وَجَدُوا
(١) ينظر "المؤتلف والمختلف" للآمدي ص ٩٧ - ٩٨، و"شرح الحماسة" للتبريزي ١/ ١٧٠.
(٢) في (م): ومن أبيات جميل في بُثينة.
(٣) ينظر "شرح ديوان الحماسة" للمروزقي ١/ ٣٢٤ - ٣٢٥.
(٤) في (م): لا خطر. بدل: لأني خطير (؟).
(٥) ينظر "شرح ديوان الحماسة" للتبريزي ١/ ١٧٠. قوله: يُقضِّب، أي: يُقطِّع.