أَشَمُّ الأَنْفِ أَصْيَدُ عامِريٌّ … طَويلُ الباعِ كالسَّيفِ الصَّقيلِ
فقال لبيد لابنته: أجيبيه، وكان لبيد قاصرًا في الجواب (١)، فقالت: [من الوافر]
إذا هَبَّتْ رِياحُ أبي عَقيلٍ … دَعونا عند هَبَّتِها الوَليدا
أَشَمَّ الأَنْفِ أرْوَعَ عَبْشَمِيًّا … أعانَ على مُروءتِهِ لَبيدا
بأمثالِ الهِضابِ كأنَّ رَكْبًا … عليهما من بني حامٍ قُعودا
أبا وَهْبٍ جَزاكَ اللهُ خَيرًا … نَحَرْناها وأَطَعْمنا الثَّرِيدا
فعُدْ إنّ الكَريمَ له مَعادٌ … وظَنِّي يا ابنَ أَرْوى أن تَعودا
قال لها لَبيد: أحسنتِ؛ لولا أنّك استَطعَمتيه بقولك: أن تَعودا، فقالت: إن الملوك لا يُستحيا من مَسْألَتهم، فقال: يا بُنيّة، وأنت في هذا أشعر (٢).
قلت: وهذا الوليد هو الذي أنزل الله فيه ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإ﴾ الآية (٣) [الحجرات: ٦]، وجَلده علي ﵇ في الخمر.
واختلفوا في وفاته، فقال ابن سعد بإسناده عن عبد الملك بن عُمير (٤) قال: مات لَبيد بن رَبيعة ليلةَ نزل معاوية النُّخَيلَة لمُصالحة الحسن بن علي.
وفي رواية ابن سعد: ودُفن في صحراء بني [جعفر بن] كِلاب، وكان قد هاجر إلى الكوفة، ودُفن في هذا المكان.
وقيل: مات سنة إحدى وأربعين، والأوّل أصحّ.
واختلفوا في سِنِّه على أقوال؛ أحدها: أنه عاش عشرين ومئة سنة، والثاني: مئة وسبعًا وخمسين سنة، والثالث: ثلاثين ومئة سنة (٥).
وحكى ابن سعد عن هشام، عن جعفر بن كِلاب، عن أشياخه قالوا: لما حُضِرَ لَبيد
(١) في المصادر الآتية أنه قال لها: لقد عشتُ برهة وما أعيا بجواب شاعر.
(٢) الشعر والشعراء ٢٧٦ - ٢٧٧، والأغاني ١٦/ ٣٧٠ - ٣٧١، والاستيعاب (٢٢٣٣)، والمنتظم ٥/ ١٧٩ - ١٨٠.
(٣) انظر أسباب النزول للواحدي ٤١٢.
(٤) في (خ): عبيد بن عمير، وفي (ع): عبد الله بن عمر، والمثبت من طبقات ابن سعد ٦/ ١٩٣.
(٥) انظر الاستيعاب (٢٢٣٣).