وأخرج الإمام أحمد رحمة الله عليه في "المسند" عن عبد الله بن جعفر ﵄ بمعناه، وذكر له في أوله: بعث رسول الله ﷺ جيشًا واستعمل عليهم زيد بن حارثة، ثم جعفرًا، ثم ابن رواحة، وذكر فيه: ثم أخذ الراية خالد بن الوليد ففتح الله عليهم، وذكر أن رسول الله ﷺ صعِدَ المنبر وأخبر بمصارع القوم، ثم أمهل ثلاثًا، ثم أتى آل جعفر فقال:"لا تَبْكُوا على أَخِي بعدَ اليوم، ادْعُوا لي بَني أَخِي" فجيء بنا كأننا أَفراخٌ فدعا بالحلَّاقِ فحلَقَ رؤوسنا ثم قال: "أَمَّا محمدٌ فَشبيهٌ بعمِّنا أبي طالبٍ، وأمَّا عبدُ اللهِ فَشَبيهٌ بخَلْقي وخُلُقي" ثم أخذ بيدي فأشالها وقال: "اللهمَّ اخْلُفْ جَعفَرًا في أَهلِه، وبارِك لِعَبدِ اللهِ في صَفَقةِ يمنيه - قالها ثلاثًا -" فجاءت أُمُّنا فذكَرَتْ يُتْمنا فقال: "العيلةَ تخافين [عليهم] وأَنا وليُّهمُ في الدُّنْيا والآخِرَةِ"(١).
وفي "المسند" أيضًا عن عبد الله بن جعفر أن رسول الله ﷺ قال: "اصْنَعُوا لآلِ جَعفرٍ طَعَامًا، فَقد جاءَهُم ما يَشغَلُهُم، أو أَمرٌ يَشْغَلُهُم"(٢).
وقال هشام: حضرت أَسْماءُ عند رسول الله ﷺ فقال: "وعَليكُمُ السَّلامُ" فقالت له: يا رسول الله، على من تَرُدُّ السلامَ؟ فقال:"هذا جَعفرٌ في كَبْكَبةٍ مِنَ الملائِكَةِ يُسَلِّمونَ عليَّ، وقد عوَّضه الله بجَناحَينِ" وفي رواية: "أَخَذَ اللِّواء بيدِه اليُمنى فقُطِعَتْ، ثم باليسرى فقطعت، فَعُوِّض بالجناحين فلذلك سُمِّي الطَّيار بجَناحَيهِ حيث شاء"(٣).
وقال سعيد بن المسيب في مراسيله عن النبي ﷺ أنه قال:"مُثِّلوا لي في الجنةِ في خيمةٍ مِن دُرَّةٍ، كلُّ واحدٍ على سرير من ذَهَب، ورأيتُ في عنقِ زيدٍ وابنِ رَواحةَ صُدودًا، وأمَّا عُنُق جَعفَرٍ فَمُستَقيمٌ ليس فيه صُدودٌ، قال: فقيلَ لي: إنَّهما لما غَشِيَهما الموتُ كأنَّهما صَدَّا بوَجهَيهِما، أما جَعْفَرُ فإنَّه لم يَفْعَلْ"(٤). والصدود: الإعراض.
وحكى شيخنا موفق الدين ﵀ عن ابن عمر ﵄ قال: وجدنا ما بين صَدْرِ
(١) أخرجه أحمد في "المسند" (١٧٥٠). (٢) أخرجه أحمد في "مسنده" (١٧٥١). (٣) أخرجه الطبراني في "الأوسط" (٦٩٣٦)، والحاكم ٣/ ٢٣٢ من حديث ابن عباس ﵁. (٤) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (٩٥٦٢).