وسيأتي الكلام على الخوارج مبسوطًا في كتاب الحدود (١).
وقد استدلّ المصنف [حمه الله تعالى](٢)(٣) بالحديث على قبول توبة الزنديق، فقال: وفيه مستدلّ لمن يقبل توبة الزنديق، انتهى.
وقد تقدم الكلام على ذلك، وما ذكره متوقف على أن مجرد قوله لرسول الله [ﷺ](٤): اتفق الله، زندقة، وهو خلاف ما عرف به العلماء الزنديق (٥).
وقد ثبت في رواية أخرى في الصحيح أنّه قال: والله إن هذه قسمة ما عدل فيها وما أُريد فيها وجه الله، والاستدلال بمثل هذا على ما زعمه المصنف [رحمه الله تعالى](٢) أظهر.
قال القاضي عياض (٦): حكم الشرع أن من سبّ النبي ﷺ كفر وقتل، ولم يذكر في هذا الحديث أن هذا الرجل قتل.
قال المازري (٧): يحتمل أن يكون لم يفهم منه الطعن في النبوّة وإنما نسبه إلى ترك العدل في القسمة، ويحتمل أن يكون استدلال المصنف ناظرًا إلى قوله في الحديث:"لعله يصلي"، وإلى قوله:"لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس"، فإن ذلك يدل على قبول ظاهر التوبة وعصمة من يصلي، فإذا كان الزنديق قد أظهر التوبة وفعل أفعال الإسلام كان معصوم الدم.
٨/ ٣٩٩ - (وَعَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ عَدِيّ بْنِ الخِيارِ [رضي الله تعالى عنه] (٢) أن رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ حدَّثَهُ أنَّه أتى رَسُولَ الله ﷺ وَهُوَ في مَجْلِسٍ يُسَارُّهُ يَسْتَأْذِنُهُ فِي قَتْلِ رَجُلٍ - مِنَ المُنَافِقِينَ، فَجَهَرَ رَسُولُ الله ﷺ فقالَ:"ألَيسَ يَشْهَدُ أنْ لَا إله إلَّا الله"؟ قالَ الأنْصاريُّ: بَلَى يَا رَسُولَ الله ولا شَهَادَةَ لَهُ، قال:"أَلَيسَ يَشْهَدُ أن مُحَمَّدًا رَسُولُ الله"؟
(١) الكتاب التاسع والثلاثون، الباب السادس: باب قتال الخوارج وأهل البغي، عند الأحاديث رقم (٢٦/ ٣١٨٦) و (٢٧/ ٣١٨٧) و (٢٨/ ٣١٨٨) و (٢٩/ ٣١٨٩) و (٣٠/ ٣١٩٠) و (٣١/ ٣١٩١) و (٣٢/ ٣١٩٢) من كتابنا هذا. (٢) زيادة من (جـ). (٣) ابن تيمية الجد في كتابه "المنتقى" (١/ ١٩٠). (٤) زيادة من المخطوط (ب). (٥) تقدم التعريف به. (٦) في "إكمال المعلم بفوائد مسلم" له (٣/ ٦٠٧). ولكن عبارته كالتالي: "من سبَّ النبيّ ﷺ قتل، ولم يذكر في هذا الحديث أن رسول الله ﷺ انتقم من هذا القائل" اهـ. (٧) في "المعلم بفوائد مسلم" (٢/ ٢٤ - ٢٥).