الوضوء مما مست النار أن حديث ترك الوضوء منه له علتان ذكرهما الحافظ في التلخيص (١)، وحديث عائشة:"ما ترك النبي - الله عليه وسلم - الوضوء مما مست النار حتى قبض" وإن قال الجوزداني (٢): إنه باطل (٣)، فهو متأيد بما كان منه ﷺ من الوضوء لكل صلاة حتى كان ذلك [ديدنًا](٤) له وهجيرًا وإن خالفه مرة أو مرتين.
إذا تقرر لك هذا، فاعلم أن الوضوء المأمور به هو الوضوء الشرعي، والحقائق الشرعية ثابتة مقدمة على غيرها، ولا متمسك لمن قال: إن المراد به غسل اليدين.
وأما لحوم الغنم فهذه الأحاديث المذكورة في الباب مخصصة له من عموم ما مست النار، ففي حديث البراء الآتي (٥): "لا توضأوا منها"، وفي حديث ذي الغرة (٦): أفنتوضأ من لحومها؟ - يعني الغنم -، قال: لا. وفي حديث
= ٢ - حديث جابر بن عبد الله وهو حديث صحيح. تقدم تخريجه خلال شرح الحديث رقم (١٩/ ٢٥٦) من كتابنا هذا. ٣ - حديث سويد بن النعمان أخرجه البخاري (رقم ٢٠٩). (١) (١/ ١١٦). وانظر ما ذكرت ردًا على هذه العلل عند شرح الحديث رقم (١٩/ ٢٥٦) من كتابنا هذا. (٢) في حاشية المخطوط ما نصه: "منسوبًا إلى جُوزدان بالضم ثم السكون وزاي ودال مهملة وألف ونون. قرية كبيرة على باب أصبهان". تمت. (٣) قاله الجوزقاني في "الأباطيل والمناكير والصحاح والمشاهير" (١/ ٣٤٩ - ٣٥٠ رقم ٣٣٦). قلت: وتمام كلام الجوزقاني: " … لا نعرفه إلا من حديث يحيى بن أبي أنيسة، ويحيى متروك الحديث". وأخرجه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" تحقيق وتعليق: إرشاد الحق الأثري (١/ ٣٦٥ رقم ٦٠٣). قال ابن الجوزي: "هذا حديث لا يعرف إلا من حديث يحيى بن أنيسة وهو معروف بالكذب، قال أحمد والنسائي: لا يعرف إلَّا من حديث يحيى وهو متروك" اهـ. (٤) في (ب): (دينًا). (٥) برقم (٢٠/ ٢٥٧) من كتابنا هذا. وهو حديث صحيح. (٦) سيأتي تخريجه رقم (٢١/ ٢٥٨) من كتابنا هذا، وهو حديث صحيح لغيره.