قوله:(وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقها) أي: ألجئوهم إلى المكان الضيق منها.
وفيه دليل: على أنه لا يجوز للمسلم أن يترك للذمي صدر الطريق، وذلك نوع من إنزال الصغار بهم، والإذلال لهم.
قال النووي (١): وليكن التضييق بحيث لا يقع في وهدة ولا يصدمه جدار ونحوه.
قوله:(فقولوا: وعليكم)، في الرواية الأخرى:"فقولوا: عليكم"، وفي الرواية الثالثة:"فقل: عليك".
فيه دليل على أنه يردّ على أهل الكتاب إذا وقع منهم الابتداء بالسلام، ويكون الردّ بإثبات الواو وبدونها، وبصيغة المفرد والجمع، وكذا يردّ عليهم لو قالوا: السامّ، بحذف اللام، وهو عندهم الموت.
قال النووي في شرح مسلم (٢): اتفق العلماء على الردّ على أهل الكتاب إذا سلموا لكن لا يقال لهم: وعليكم السلام، بل يقال: عليكم فقط، أو وعليكم، فقد جاءت الأحاديث بإثبات الواو وحذفها، وأكثر الروايات بإثباتها.
قال (٣): وعلى هذا في معناه وجهان:
(أحدهما): أنه على ظاهره فقالوا: عليكم الموت، فقال: وعليكم أيضًا، أي: نحن وأنتم فيه سواء كلنا نموت.
(والثاني): أن الواو هنا للاستئناف لا للعطف والتشريك، وتقديره وعليكم ما تستحقونه من الذمّ، وأما من حذف الواو فتقديره: بل عليكم السام.
قال القاضي (٤): اختار بعض العلماء منهم ابن حبيب المالكي (٥) حذف
(١) في شرحه لصحيح مسلم (١٤/ ١٤٧). (٢) (١٤/ ١٤٤). (٣) أي النووي في شرحه لصحيح مسلم المتقدم. (٤) في إكمال المعلم بفوائد مسلم (٧/ ٤٨). (٥) قاله النووي في شرحه لصحيح مسلم (١٤/ ١٤٤).