وعن أبي مسعود البدري عند مسلم (١) وغيره (٢) وفيه: "كنت أضرب غلامًا بالسوط، فسمعت صوتًا من خلفي .. إلى أن قال: فإذا رسول الله ﷺ يقول: إن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام"، وفيه "قلت: يا رسول الله هو حر لوجه الله، فقال: لو لم تفعل للفحتك النار، أو لمستك النار".
والأحاديث تدل على أن المثلة من أسباب العتق.
وقد اختلف: هل يقع العتق بمجرَّدها أم لا؟ فحكى في البحر (٣) عن عليٍّ والهادي، والمؤيَّد بالله، والفريقين: أنه لا يعتق بمجرَّدها، بل يؤمر السيد بالعتق فإن تمرَّد فالحاكم.
وقال مالك (٤) والليث وداود (٥) والأوزاعي (٦): بل يعتق بمجردها.
وحكى في البحر (٧) أيضًا عن الأكثر: أن من مثَّل بعبد غيره لم يعتق. وعن الأوزاعي: أنه يعتق ويضمن القيمة للمالك.
قال النووي (٨) في شرح مسلم عند الكلام عن حديث سويد بن مقرن المتقدم: إنه أجمع العلماء أن ذلك العتق ليس واجبًا، وإنما هو مندوب رجاء الكفارة وإزالة إثم اللطم. وذكر من أدلتهم على عدم الوجوب: إذنه ﷺ لهم بأن يستخدموها. ورد بأن إذنه ﷺ لهم باستخدامها لا يدل على عدم الوجوب بل الأمر قد أفاد الوجوب والإذن بالاستخدام دل على كونه وجوبًا متراخيًا إلى وقت الاستغناء عنها، ولذا أمرهم عند الاستغناء بالتخلية لها.
= المطبوع: أخرجه رزين، ولم نجده بهذا اللفظ … ". اهـ. (١) في صحيحه رقم (٣٤، ٣٥/ ١٦٥٩). (٢) كأبي داود رقم (٥١٥٩) والبخاري في الأدب المفرد رقم (١٧١) والطبراني في الكبير (ج ١٧ رقم ٦٨٤) وأبو عوانة رقم (٦٠٦١) من طرق. وهو حديث صحيح. (٣) البحر الزخار (٤/ ١٩٥). (٤) مواهب الجليل (٨/ ٤٦٣ - ٤٦٤). (٥) في المحلى (٩/ ٢٠٩). (٦) قال أبو عمر في "الاستذكار" (٢٣/ ١٦٠ رقم ٣٣٩٢٢): "اختلف العلماء فيمن مثل بمملوكِهِ عامدًا، فقال بعضهم: يعتق عليه، وممن قال بذلك: مالك، والأوزاعي، والليث بن سعد. (٧) البحر الزخار (٤/ ١٩٥). (٨) في شرحه لصحيح مسلم (١١/ ١٢٧).