السلفُ في ذلكَ فمنهم مَنْ لم يحدَّ بحدٍّ بلْ قالَ: لا يتركُها إلى حدِّ الشهرةِ ويأخذُ منها، وكرِهَ مالكٌ طولَها جِدًّا، ومنهم مَنْ حدَّ بما زادَ على القبضَةِ فَيُزَالُ، ومنهم من كرِهَ الأخذَ منها إلا في حجٍّ أَو عُمرةٍ".
قوله:(واستنشاقُ الماءِ) سيأتي الكلامُ عليه في الوضوءِ.
قالَ العلماءُ: ويلحَقُ بالبراجِمِ ما يجتمِعُ من الوسَخِ في معاطِفِ الأذُنِ وقَعْرِ الصَّماخِ فَيزيلُه بالمسحِ ونحوِه.
قوله:(وانتقاصُ الماءِ) هو بالقافِ والصادِ المهملةِ. وقد ذكرَ المصنفُ تفسيرَهُ بأنهُ الاستنجاءُ وكذلكَ فسرهُ وكيعٌ. وقالَ أبو عُبيدٍ (١) وغيرُه: معناهُ: انتقاصُ البولِ بسببِ استعمالِ الماءِ في غسلِ مذاكيرهِ. وقيلَ: هو الانتِضَاحُ (٢). وقد جاءَ في روايةٍ بدلَ الانتقاصِ الانتضاحُ، والانتضاحُ: نضحُ الفرجِ بماءٍ قليلٍ بعدَ الوضوءِ لينفيَ عنه الوسواسَ، وذكرَ ابنُ الأثير (٣) أَنهُ روَى انتفاصُ بالفاءِ والصادِ المهملةِ، وقالَ في فصلِ الفاءِ قيلَ: الصوابُ أَنهُ بالفاءِ قالَ: والمرادُ نضحُهُ على الذكَرِ لقولِهم: لنضحِ الدمِ القليلِ نفصهُ وجمعُها نفُصٌ، قالَ النوويُّ (٤): وهذا الذي نقلَهُ شاذٌ.
قوله:(ونسيتُ العاشرةَ إلَّا أَنْ تكونَ المضمضةُ) هذا شكٌ منهُ، قالَ القاضي عياضٌ (٥): ولعلَّها الخِتانُ المذكورُ معَ الخمسِ الأُوْلَى، قالَ النوويُّ (٦): وهو أَوْلَى وسيأتي الكلامُ على المضمضةِ في الوضوءِ. وقد استَدلَّ الرافعيُّ بالحديثِ على أَن المضمضةَ والاستنشاقَ سنةٌ. وَرَوَى الحديثَ بلفظِ: "عشرٌ مِنَ السنةِ"، وردَّه الحافظُ
(١) "غريب الحديث" لأبي عبيد القاسم بن سلام الهروي (٢/ ٣٨). (٢) "النهاية" (٥/ ١٠٧). (٣) في "النهاية" (٥/ ٩٧). (٤) في شرحه لصحيح مسلم (٣/ ١٥٠). (٥) ذكره النووي في شرحه لصحيح مسلم (٣/ ١٥٠). (٦) في شرحه لصحيح مسلم (٣/ ١٥٠).