المُستظهر أن يُبْنى له رباطٌ، ووقفتْ عليه قريةً اشترتها من المُسْترشد، واستعبد خَلْقًا كثيرًا من العلماء والفقراء بجاهه وماله.
وقال الشيخ أبو الفرج ﵀: كان محفوظه قليلًا، فيكرِّرُ ما يقول، [وحدثني جماعة من القراء أنَّه كان يعيِّنُ لهم ما يقرؤون بين يديه، ويتحفَّظ الكلام عليه] (١). وسمِعْتُه يقول على المنبر: الحكمة في معراج النَّبيِّ ﷺ أَنَّه أُري ما في الجَنَّة والنَّار ليكون يوم القيامة على سكون لا على انزعاج، ولهذا المعنى قُلبت العصا حَيَّةً يوم التَّكليم لئلا ينزعِجَ موسى ﵇ بين يدي فِرْعون.
وسمعته يُنْشد: [من مجزوء الرجز]
كم حَسْرَةٍ لي في الحشا … من ولدٍ إذا نَشَا
وكم أردتُ رُشْدَه … فما نَشَا كما نشا (٢)
وسمعته يُنْشد: [من السريع]
يَحْسُدُني قومي على صَنْعتي … لأَنَّني في صَنْعتي فارسُ
سَهِرْتُ في ليلتي واسْتَنعسوا … هل يستوي السَّاهِرُ والنَّاعِسُ
وكان يعظِّم السُّلْطان ولا يعظم الخليفة كما ينبغي، وسمعتُه يومًا يقول بجامع القصر: يتولى أمورنا ويغفل عنا، [وأنشد] (٣): [من الهزج]
فما تصنع بالسَّيفِ … إذا لم يكُ قتَّالا
فَغَيِّرْ حِلْية السَّيفِ … وضعْه لك خَلْخالا (٤)
وقال: تولي اليهود، فيسبُّون نبيك يوم السبت، وتجلسهم يوم الأحد عن يمينك، ثم صاح: اللهم هل بلغت؟ فكانت هذه الأشياء تُنْقل إلى الخليفة، فمنعه من الجلوس بجامع القَصر، فقَدِمَ السُّلْطان مسعود، فأجلسه بجامع السُّلْطان، وحضر مجلسه،
(١) (ع) و (ح): ويعين القراءات تقرأ، ويرتب الكلام عليها، والمثبت ما بين حاصرتين من "المنتظم": ١٠/ ١٦٦.
(٢) البيتان ساقهما سبط ابن الجوزي على أنهما من شعر عبد الرحيم بن عبد الكريم بن هوزان القشيري في ترجمته انظر حاشيتنا رقم ١ ص ١٤٤.
(٣) ما بين حاصرتين من "المنتظم": ١٠/ ١٦٧.
(٤) (ع) و (ح): وضع لك منه خلخالًا، والمثبت من "المنتظم".