ولد سنة تسع وستين وأربع مئة، وسافر إلى البلاد، [وسمع الحديث بنيسابور وبَلْخ وهراة، ودخل مرو وخراسان](١)، وشرح كتاب "الشهاب"(٢)، وكانت له معرفةٌ بالفِقْه والحديث، وكان يعظ على طريقة الصّوفية.
[وذكره جدي في "مشيخته" وقال: كان] (١) قليل التكلف، وكثيرًا ما يصعد المنبر (٣)[وبيده مروحةٌ يتروَّح بها. قال: وسمعته يومًا ينشد](٤): [من البسيط]
كيفَ احتيالي وهذا في الهوى حالي … والشَّوقُ أَملَكُ بي من عَذْلِ عُذَّالي
وكيفَ أَسْلُو وفي حُبِّي له شُغُلٌ … يحولُ بين مُهِمَّاتي وأَشْغالي
[قال](١): وبنى رِباطًا بقَرَاح أبي الشَّحم (٥)، واجتمع إليه جماعةٌ من المتزهِّدين، فلما احْتُضِرَ، قالوا: أَوْصِنا. فقال: راقبوا الله في الخلوات، واحذروا مثل مصرعي هذا، فقد عشت إحدى وستين سنة، وما كأَني رأيتُ الدّنيا. ثم أنشد:[من الكامل]
ها قد مَددتُ يدي إليكَ فَرُدَّها … بالعَفْو لا بشماتةِ الأَعداءِ
وهذا البيت لأبي نَصر بن القُشَيري (٦)، وإنما تمثَّل به [ابنُ الخَبَّازة عند الموت.
(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش). (٢) يعني كتاب "الشهاب" للقاضي أبي عبد الله محمد بن سلامة القضاعي، المتوفى سنة (٤٥٤ هـ)، وله شروح كثيرة، وقد طبع "الشهاب" بتحقيق حمدي عبد المجيد السلفي، ونشرته مؤسسة الرسالة- بيروت ١٩٨٥. وشرح العامري لما يصل إلينا، وقد نقل عنه المناوي في "فيض القدير". (٣) انظر "المشيخة" لابن الجوزي: ١٥١، وفيه: فربما سعد المنبر ومعه مرولاته (كذا استظهرها محققه)، أما باقي الخبر فهو بنحوه في "المنتظم": ١٠/ ٦٤. (٤) في (ع) و (ح): وكثيرًا ما يصعد المنبر أنشد، والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش). (٥) في "المنتظم" و"المشيخة": بقراح ظفر، قال ياقوت في "معجم البلدان": ٤/ ٣١٥ في القراح: والمراد به هاهنا اصطلاح بغدادي، فإنهم يسمون البستان قراحًا، وفي بغداد عدة محال عامرة … يقال لكل واحدة منها قراح إلا أنها تضاف إلى رجل تعرف باسمه، كانت قديمًا بساتين، ثم دخلت في عمارة بغداد، وهي متقاربة. قلت: ثم عدَّدها: قراح ابن رزين، وقراح ظفر، وقراح القاضي، وقراح أبي الشحم، ثم عين مواضعها في بغداد بدقة، ثم قال: فهذه أربع محال كبار عامرة آهلة كل واحدة منها تقرب أن تكون مدينة، وفيها أسواق ومساجد ودروب كثيرة. (٦) سلفت ترجمته في وفيات سنة (٥١٤ هـ).