ليتَ الفِراقَ لم يكُنْ … يومَ دعا فأَسْمَعا (١)
وقال من جملة قصيدة: [من المتقارب]
كأنِّي نَظَرْتُ وقد شِمْتُهُ … ديارَ الأَحِبَّةِ مَغْنًى فمَغْنَى
فَبُحْتُ ومَن خانه صَبْرُهُ … فليس لِكتْمانِهِ الحُبَّ معنى
وماذا على مُدْنَفٍ بالعراق … تذكَّرَ بالرَّمْلِ عهدًا فحنَّا
وإنِّي لكلِّ شَجٍ عاذِرٌ … إذا ناحَ مِنْ طَرَبٍ أو تَغَنَّى
ولي مهجةٌ قُرِنَتْ بالأَسى … إلى جَسَدٍ ظاهر الضُّرِّ مُضْنى
إذا ذَكَرَتْ عَهْدَ أُلافها … أَجَدَّ لها ذلك الذِّكْرُ حُزْنا
سقى الله أَرْبُعَنا بالحِمى … وإن كُنَّ بُدِّلْنَ بالسَّكْنِ سَكْنا
وحيَّا وجوهًا عَهِدْنا بها … وإنْ حَجَبَتْها يدُ البَينِ عنَّا (٢)
وقال: وقد حَجَّ سنةَ ثلاثٍ وتسعين وأربع مئة: [من المديد]
ذَكَرَ الأَحبابَ والوَطَنا … والصِّبا والإِلْفَ والسَّكَنا
فبكى شَجْوًا وحُقَّ له … مُدْنَفٌ بالشَّوقِ حِلْفُ ضَنَى
أبعدَتْ مرمًى يدٌ رَجَمَتْ (٣) … مِنْ خُرَاسانٍ به اليَمَنا
مَنْ لمشتاقٍ تُمَيِّلُهُ … ذاتُ أَيكٍ مَيَّلَت فَنَنا
لم تعرِّضْ في الحنين بمَنْ … مسعدٌ إلَّا وقلت أَنا
لكِ يَا ورقاءُ أُسوةُ مَنْ … لم تُذِيقي طَرْفَه الوَسَنا
بكِ أُنسي مِثْلُ أُنسِكِ بي … فتعالي نُبْدِ ماكَمَنا
نتشاكى ما نُجِنُّ فإنْ … نُحْتِ شَجْوًا صحتُ واحَزَنا
أنا لا أنتِ البعيدُ هوًى … أنا لا أنتِ الغريبُ هُنا
أنا فَرْدٌ يَا حَمَامُ وها … أنتِ والإِلْفُ القرينُ ثُنَا
إسْرَحا رَأدَ النَّهارِ ضحًى … واسْكُنا جُنْحَ الدُّجى غُصُنا
(١) القصيدة بتمامها في "الخريدة": ٣/ ٧٨ - ٨١.
(٢) انظر أبياتًا من القصيدة في "الخريدة": ٣/ ٦٣ - ٦٤.
(٣) في (ع) و (ح): نزحت، والمثبت من "الخريدة".