قال العماد: ومن شِعْره [من الطَّويل]
وحَتَّامَ أرجو دولةً وزراؤها … يَردُّونَ إنْ حَيَّيتَهُمْ بالحواجبِ
سواءٌ لديهمْ ما حوى سِلْكُ ناظمٍ … وما ضَمَّه في ظُلْمةٍ حَبْلُ حاطبِ
قَضَتْ عُنَّةُ التَّمييز والفَهْم في الورى … بتعنيسِ أبكارِ العُلُومِ الكواعِبِ
وإني لتُغْنيني عن السَّيفِ عَزْمَتي … فهل فيه ما تُغْنِيه عن كَفِّ ضارِبِ
عسى بين أحشاءِ الليالي عجيبةٌ … حُبالى الليالي أُمهات العجائِب
وتهتَزُّ بالقَطْرِ البحارُ (١) وإنَّها … لمستغنياتٌ عن نَوَالِ (٢) السَّحائِبِ (٣)
وكان الغَزِّي قد نَفَق على المعين القاشاني وزير سنجر، فقيل للوزير: إنه قد أَسَنَّ عن قول الشِّعْر. فقال له: أُريد أن توازن قصيدة أبي العلاء التي يقول فيها: [من البسيط]
هاتِ الحديثَ عن الزَّوْراءِ أَوْ هِيتا … ومُوقدِ النَّارِ لا تَكْرَى (٤) بتَكْرِيتا
فقال على البديه: [من البسيط]
أَمِطْ عن الدُّرَرِ الزُّهْرِ اليواقيتا … واجعلْ لحجِّ تلاقِينا مواقِيتا
جمعتَ ضِدَّينِ كان الجَمْعُ بينهما … لكلِّ جَمْعٍ من الألباب تَشْتِيتا
وفِتْيَةٍ من كُماةِ التُّرْكِ ما تركَتْ … للرَّعدِ كَبَّاتُهُمْ (٥) صَوْتًا ولا صِيتا
قومٌ إذا قُوبِلُوا كانوا ملائكةً … حُسْنًا وإن قُوتِلُوا كانوا عفارِيتا
مُدَّتْ إلى النَّهْبِ أيديهم وأَعْيُنُهُمْ … فزادهُمْ فَلَقُ الأَحشاءِ تثبيتا
بدارِ قارونَ لَو مَرُّوا على عَجَلٍ … لباتَ من فاقةٍ لا يملكُ القُوتا
بالحِرْصِ فَوَّتني دَهْرِي فوائده … وكلَّما زِدْتُ حِرْصًا زادَ تَفْويتا
دُنْيا اللَّئيم يدٌ في كَفِّها بَرَصٌ … فكلُّ ما لَمَسَتْهُ كان مَمْقُوتا
[ومنها يُعَرِّض بشعرِ المعري] (٦):
(١) في (ع) و (ح): السحاب، والمثبت من "الخريدة".
(٢) في (ع) و (ح): توالي، والمثبت من "الخريدة".
(٣) "خريدة القصر" قسم شعراء الشَّام: ١/ ١٦ - ١٨.
(٤) الزوراء: بغداد، ولا تكرى: لا تطفأ، وأصل الكرى النَّوم، فجعل انطفاء النَّار نومًا، انظر "شروح سقط الزند" السفر الثاني: القسم الرابع: ١٥٥٣ - ١٥٥٤.
(٥) الكبَّة: الحملة في الحرب. "اللسان" (كبب).
(٦) ما بين حاصرتين من (ح).