وقال [في سنة خمس وخمس مئة] (١): [من البسيط]
أصالةُ الرَّأي صانَتْني عن الخَطَلِ … وحِلْيةُ الفَضْل زانَتْني لدى العَطَلِ
مجدي أخيرًا ومجدي أولًا شَرَعٌ … والشمس رأْدَ الضُّحى كالشَّمسِ في الطَّفَلِ
فيمَ الإقامةُ بالزَّوْراء لا سَكني … بها ولا ناقتي فيها ولا جَمَلي
فلا صديقٌ إليه مُشْتكى حَزَني … ولا أنيسٌ إليه منتهى جَذَلي
وضجَّ مِنْ لَغَبٍ نِضْوي وَعَجَّ لِمَا … يَلْقَى ركابي ولَجَّ الركبُ في عَذَلي
أربد بَسْطَةَ كَفٍّ أستعينُ بها … على قضاءِ حقوق للعُلا قِبلَي
والدَّهرُ يَعْكِسُ آمالي ويُقنِعُني … من الغنيمةِ بعد الكَدِّ بالقَفَلِ
أُعَلِّلُ النَّفْسَ بالآمالِ أَرقُبُها … ما أضيقَ العَيْشَ لولا فُسْحةُ الأمَلِ (٢)
حُبُّ السَّلامةِ يُثْني هَمَّ صاحبه … عن المعالي ويُغْري المرءَ بالكَسَلِ
فإنْ جَنَحْتَ إليها فاتَّخِذْ نَفقًا … في الأرضِ أو مِصعَدًا (٣) في الجو فاعتَزِلِ
إن العُلا حَدَّثتني وهي صادِقةٌ … فيما تحدِّثُ أَنَّ العِزَّ في النُّقَلِ
لو أنَّ في شَرَفِ المأوى بُلوغَ مُنًى … لم تبرَحِ الشَّمْسُ يومًا دارةَ الحَمَلِ
ما كنتُ أوْثرُ أنْ يمتدَّ بي زَمَني … حتى أرى دوْلة الأوغادِ والسّفَلِ
تقدَّمَتْني رجالٌ كان شَوطُهُمْ … وراء خَطْويَ إذْ أمشي على مَهَلِ
هذا جزاءُ امرئٍ أقرانُهُ دَرَجوا … مِنْ قَبْلِهِ فتمنَّى فُسْحة الأجَلِ
وإنْ عَلانيَ مَنْ دُوني فلا عَجَبٌ … لي أُسوةٌ في انحطاطِ الشَّمْسِ عن زُحَلِ
فاصبرْ لها غير مُحتالٍ ولا ضَجِرٍ … في حادِثِ الدَّهر ما يغني عن الحِيَلِ
أعدى عدوِّك أدنى مَنْ وَثِقتَ به … فحاذِرِ النَّاس واصحَبهُمْ على دَخَلِ
وإنَّما رجلُ الدُّنيا وواحِدُها … من لا يُعوِّل في الدُّنيا على رَجُلِ
من أبيات (٤).
(١) ما بين حاصرتين من (ب).
(٢) هذا البيت يأتي في ديوانه وغيره من المصادر بعد أبيات من قوله:
ولو أن في شرف المأوى بلوغ منى
(٣) في رواية: أو سلمًا.
(٤) القصيدة بتمامها في ديوانه: ٣٠١ - ٣٠٩، و"معجم الأدباء": ١٠/ ٦٠ - ٦٨، و"وفيات الأعيان": =