رَفَعْتَ الشَّريعةَ بعد الخمولِ … فلو تستطيغ لباسَتْ يَدَكْ
ولو كنتَ في زَمَنِ المُصطفَى … لنَصَّ عليكَ وما أَهْمَلَكْ
ولو رَدَّ موسى إليكَ الأمورَ … رَدَدْتَ على السامِرِي ما أَفَكْ
فلمْ يختَلِفْ قَوْمهُ بعده … ولا قِيلَ إذ جاء: ما أَعْجَلَكْ
وكم نعمةٍ لك عند الجلا … لِ (١) ليس بكافرِها إنْ نَسَكْ
ألم تكُ رَبيتَهُ مُرْضَعا … وقدْتَ له الجيشَ حتَّى مَلَكْ
ورَبُّك ولَّاكَ لا غيرُهُ … فَمَنْ ذا يحاول أنْ يَعْزِلَكْ
وقال العماد الكاتب: كان ابنُ الهَبَّارِيَّة من شُعَراء نظام الملك، غَلَبَ على شِعْره الهجاءُ والهَزْلُ والسُّخْف، وسَبَك في قالب ابنِ الحَجَّاج (٢)، وفاقه في الخلاعة والمجون، والنَّظيف من شِعْره [في] (٣) غايةِ الحُسْن.
ومن شِعْره: [من الكامل]
وإذا البياذِقُ في الدُّسُوتِ تَفَرْزَنَتْ … فالرأيُ أنْ تَتبيذَقَ الفِرْزانُ (٤)
وإذا النُفوسُ مع الدنوِّ تباعدتْ … فالحَزْمُ أن تتباعد الأبدانُ
خُذْ جملةَ البَلْوى ودَعْ تَفْصِيلَها … ما في البَرِيَّةِ كلِّها إنسانُ (٥)
وقال في نظام الملك: [من الكامل]
وإذا سَخِطْتُ على القوافي صُغْتُها … في غيرِه لأُذِلَّها وأُهينَها
وإذا رضيتُ نَظَمْتُها لجلالِهِ … كيما أشَرِّفَها به وأَزِينَها (٦)
(١) الجلال هو جلال الدولة لقب السلطان ملكشاه بن ألب أرسلان، انظر "وفيات الأعيان": ٥/ ٢٨٣.
(٢) انظر حاشيتنا رقم ٢ ص ٦٩ من هذا الجزء.
(٣) ما بين حاصرتين من (ب)، وانظر "خريدة القصر" قسم شعراء العراق ١/ ٧٠ - ٧١.
(٤) البياذق جمع، مفردها بيذق، معرب بيذه، وهم الرخالة في الحرب، والفرزان: هو ما يلي البيذق في اصطلاح الشطرنج، وهو الملك، والدسوت جمع، مفردها الدست، يعني صدر المجلس، وهي دخيلة عباسية، انظر "المعرب" للجواليقي: ١٣٠، ٢٨٥، و"معجم الألفاظ الفارسية": ٣٢، ١١٨، و"معجم من اللغة": ٢/ ٤٠٨.
(٥) "خريدة القصر" قسم شعراء العراق: ١/ ٧٢ - ٧٣.
(٦) "خريدة القصر" قسم شعراء العراق: ١/ ٧٣ - ٧٤.