أحدها: أن أصله مشيحًا، بالشين المعجمة، فعرَّبتهُ العرب، فقالت: مسيحًا؛ كما قالوا في موشى: موسى، قاله الزجَّاج.
والثاني: لأنه ممسوح، فَعِيل بمعنى مفعول، أي: مُسح من الأقذار؛ قاله ابن عباس.
والثالث: لم يكن لقدمه أَخمص، والأخمص ما يتجافى عن الأرض من باطن القدم.
والرابع: لأنه خرج من بطن أمه ممسوحًا بالدهن، قاله أبو سليمان الدمشقي.
والخامس: لأنه ما مَسَحَ بيده على ذي عاهة إلا برئ، ولا على أعمى إلا أبصر، رُوي عن ابن عباس.
والسادس: أنه كان لا يقيم في مكان بل يمسح الأرض بالسياحة، ذكرهُ ثعلب.
والسابع: أنه الصديق بالعبرانية، قاله مجاهد.
والثامن: أنه القاتل، فيقتل الدجَّال.
فإن قيل: فلفظة المسيح مشتركة، فالدجَّال يقال له: المسيح، قلنا: قد فرَّق نبيُّنا ﷺ بينهما، فروى أحمد بن حنبل بإسناده عن نافع، عن ابن عمر أنه قال: لا واللهِ ما قال النبي ﷺ لعيسى أحمر، ولكن قال:"بينا أنا نائمٌ - أو قائمٌ - أطوفُ بالبيتِ فإذا رجلٌ آدَمُ، سَبْطٌ، يُهادَى بين رجلَيْن، يَنْطِفُ رأسُه - أو يُهراق - ماءً، فقلت: مَن هذا؟ قالوا: ابنُ مريَمَ. فذهبتُ ألتفِتُ، فإذا رجلٌ أحمرُ جسيمٌ، جَعْدُ الرَّأسِ، أعورُ عينه اليُمنى، كأنَّ عينَهُ عِنبَةٌ طافية، قلتُ: مَن هذا؟ قالوا: الدَّجال، وأقرب الناسِ شبهًا به ابن قَطَنٍ"، قال الزهري: هو رجل من خزاعة هلك في الجاهلية. أخرجاه في "الصحيحين"(١).
ولمسلم: عن جابر رفعه، قال ﷺ:"ورأيتُ عيسى فإذا هو يُشبهُ عُروةَ بن مسعودٍ"(٢).
(١) أخرجه أحمد في "مسنده" (٦٣١٢)، والبخاري (٧١٢٨)، ومسلم (١٦٩). (٢) أخرجه مسلم (١٦٧).