قالوا غدا العيدُ فاستبشِرْ بهِ فرحًا … فقلتُ ما لي وما للعيد والفَرَحِ
قد كانَ ذا والنَّوى لم تُمْسِ نازِلةً … بِعَقْوَتي (١) وغُرابُ البَينِ لم يَصِحِ
أيام لم يَخْتَرِم قُربي المنونُ ولَم … يَغْدُ الشَّتاتُ على شملي ولم يَرُحِ
فاليومَ بَعدكَ قلبي غيرُ مُنفسِحٍ … لِما يُسِرُّ وصدري غير مُنشرِحِ
وطائرٍ نامَ في خضراءَ مُغشِبَةٍ … على شفا جدولٍ بالعُشبِ مُتَّشحِ
بالغَمْرِ من واسطٍ والليلُ ما هبَطَتْ … منهُ النُّجومُ وضوءُ الصُبحٍ لم يَلُحِ
بكى وناحَ ولولا أنَّه شجِنٌ … كمثلِ شَجْو المُعنَّى (٢) فيكَ لم يَنُحِ
يا مُزعِجَ النومِ عن أجفانِ مُغْتَبِقٍ … على السُّهادِ وبالأحزانِ مُضطَبحِ
بيني وبينكَ عهدٌ ليس يُخْلِفُهُ … بُعْدُ المزارِ وعقدٌ غيرُ مُطَّرَحِ
فما ذكرتُكَ والأقداحُ دائرةٌ … إلا مَزَجْتُ بدمعي باكيًا قدحي
ولا سمِعتُ بصوتٍ فيه ذِكْرُ نَوًى … إلَّا عَصَيتُ عليه كلَّ مُقْتَرِحِ
وقال أيضًا: [من المجتث]
يا مَنْ وقفتُ هوايَ … عليه سِرًّا وجهرا
اللهُ أعلم أنِّي … مُذْ غِبْتَ لم أُعْطَ صبرا
ولا عصيتُ لداعي الـ … أسى ولا الوجدِ أمرا
ولا اطَّرحتُ ثنائي … عليكَ نظمًا ونَثْرا
قَدمِتُّ قبلكَ حتى … تكون أطولَ عُمرا
هذا لِغَيبةِ عشرٍ … فكيف لو غِبْتَ شهرا
وقال من شعره: [من السريع]
باحَتْ بِسرِّي في الهوى أدمُعي … ودَلَّتِ الواشي على موضعي
يا معشرَ العُشَّاقِ إنْ كنتمُ … مثلي وفي حالي فموتوا معي
يَحِقُّ لي أبكي على زَلَّتي … فلا تلوموني على أدمُعي
وقال: [من مجزوء الرمل]
(١) العَقْوة: الساحة وما حول الدار والمحلّة. اللسان (عقا).
(٢) هكذا في النسخ، ووقع في المصادر؛ المنتظم ١٥/ ٢٩، ومصارع العشاق ١/ ٢٧٤ وغيرهما: لشجو قلبي.