فإنْ كان التَّقَزُّزُ فيه فَخْرٌ … فلِم كُنِيَ الوصيُّ أبا تراب
ومن شعره أيضًا: [من الطويل]
تجافيتُ عنكم طاعةً لهواكُمُ … وإنِّي لأرضى أن أكونَ لكم أرضا
فلا هجْرُكم يُغْني (١) ولا وَعدُكم يَفِي … ولا عَهْدُنا يُرعى ولا دَينُنا يُقْضى
رَضيتُ بقَتْلي في هواكم لأنَّني … أرى حُبَّكم حَتْمًا وطاعَتَكم فَرضا
حَبَسْت عِنانَ القَولِ فيكم صِيانةً … لكم وخُيولُ الشَّوق تركُضُ بي رَكْضا
لقد ضاقَت الدُّنيا عليَّ بأسْرها … فلستُ أرى للأرض طُولًا ولا عَرضا
وحقِّ الهوى إنِّي أُحِسُّ من الهوى … على كبدي جَمرًا وفي أعظُمي رَضَّا
فإن لم تجُد بالعفو جُدْ بتَعَطُّفٍ … فمَن لم يَجِد كلَّ المُنا طلب البعضا
وقال: [من المنسرح]
كم شَهوةٍ مُسْتَقرَّةٍ فَرَحًا … قد انْجَلَتْ عن حُلولِ آفاتِ
وكم جَهولٍ تَراه مُشْتَريًا … سُرورَ وقتٍ بغَمِّ أوقاتِ
كم شَهواتٍ سَلَبْنَ صاحبَها … ثَوبَ الدِّياناتِ والمُروءاتِ
وقال: [من الطويل]
لسانُ الفتى حَتْفٌ له حين يَجْهلُ … وكلُّ امرئٍ ما بين فَكَّيه مَقْتَلُ
إذا ما لسانُ المَرءِ أكثَرَ هذْرَه … فذاك لسانٌ بالبَلاء مُوَكَّلُ
وكم فاتحٍ أبوابَ شرٍّ لنفسه … إذا لم يكن قُفْلٌ على فيه مُقْفَلُ
كذا كلُّ مَن يَرمي شَراراتِ لَفْظِه … تلقَّتْه نيرانُ الجَوابات تُشْعَلُ
ومَن لم يُقيِّد لفظه متجمِّلًا … سيُطلَقُ فيه كلُّ ما ليس يَجْمُلُ
ومَن لم يكن في فيه ماءُ صِيانةٍ … ففي وجهه غُضنُ المَهابَةِ يَذْبُلُ
إذا قلتَ (٢) قولًا كنتَ رَهْنَ جوابه … فحاذِرْ جوابَ السُّوء إن كنتَ تَعقِلُ
أُعلِّمُكم ما علَّمتْني تجاربي … وقد قال قبلي قائلٌ مُتَمَثِّل
إذا شئتَ أن تحيا سعيدًا مُسَلَّمًا … فدَبِّر ومَيِّز ما تقول وتفعلُ
(١) كذا، ولعلها: يفنى. ولم أقف على الأبيات.
(٢) من قوله: قال أبو محمد الأكفاني … إلى هنا ليس في (م ف م ١)، جاء بدله فيها: فمن شعره من أبيات له: إذا قلت.