ومن شعره (١): [من الطويل]
لنا صاحبٌ من أَبْرَعِ الناسِ في البُخْل … وأفْضَلِهم فيه وليس بذي فَضْلِ
دَعاني كما يَدعو الصَّديقُ صَديقَه … فجئتُ كما يأتي إلى مِثلِه مثلي
فلمَّا جَلَسْنا للغَداء رأيتُه … يرى أنَّما من بعض أعضائه أكلي
ويَغْتاظُ أحيانًا وَيشْتُمُ عبدَه … وأعلم أنَّ الغَيظَ والشَّتْمَ من أجلي
أَمُدُّ يدي سرًّا لآكلَ لُقمةً … فيَلْحَظُني شَزْرًا فأعبَثُ بالبَقْلِ
إلى أن جَنَتْ كفِّي لحَيني جِنايةً … وذلك أنَّ الجوعَ أَعْدَمَني عقلي
فأهْوَت يميني نحو رِجْلِ دجاجةٍ … فجُرَّتْ كما جَرَّت يدي رِجْلَها رجلي
وقال (٢): [من الكامل]
قُلْ للَّذين تَحصَّنُوا عن راغِبٍ … بمَنازلٍ من دونها حُجَّابُ
إن حال دون (٣) لقائكم بوَّابُكم … فالله ليس لبابه بَوَّابُ
وقال أيضًا: [من السريع]
قد نادَتِ الدُّنيا على نفسها … لو كان في العالم مَن يَسمَعُ
كم واثقٍ بالعُمْرِ وارَيتُهُ … وجامِعٍ بَدَّدْتُ ما يَجمَعُ
وقال أيضًا: [من الطويل]
رَحَلْتُم فكم من أَنَّةٍ بعد أَنَّةٍ … مُبَيِّنَةٍ للناس حُزْني عليكمُ
وقد كنتُ أعْتَقْتُ الجُفونَ من البُكا … وقد رَدَّها في الرِّقِّ شَوقي إليكمُ
وكان بين جَحْظة وبين ابن مُقْلَة صداقةٌ قبل أن يُستوزَر، فلمَّا استُوزِرَ استأذَن عليه جَحْظة فلم يأذن له، فكتب إليه: [من البسيط]
قُل للوزير أدام الله دَوْلَتَه … اذْكُرْ مُنادَمَتي والخُبْزُ خُشْكَارُ
إذ ليس بالباب بِرْذَونٌ لنَوْبَته … ولا حمارٌ ولا في الشَّطِّ طَيَّارُ (٤)
(١) جاء في (ف م ١) بدل قوله: ومن شعره؛ ما نصه: وذكره أبو الفرج الأصبهاني، وذكر من أشعاره هذه الأبيات في بعض من هذه صفته، والخبر في المنتظم ١٣/ ٣٦١ من طريق أبي الفرج الأصبهاني.
(٢) من هنا إلى خبر وفاته ليس في (ف م ١).
(٣) في (خ): دونكم، وهو خطأ، والمثبت من تاريخ بغداد ٥/ ١١٠، وعنه المنتظم ١٣/ ٣٦١.
(٤) المنتظم ١٣/ ٣٩٥، والخشكار: الخبز الأسمر غير النقي، فارسي معرب. المعجم الوسيط.