وصَيرفيًّا ناقِدًا للمَنْطقِ … إن قال هذا بَهْرجٌ لم يَنْفُقِ
إنَّا على الإبعاد والتفرُّقِ … لَنَلْتَقي بالقلب إن لم نلتقِ
فكتب إليَّ يدعو لي ويشكرني ويقول: إنني لست مِمَّن يقول الشعر (١).
قال المصنف ﵀: وابن المعتز إنَّما أخذ هذا المعنى من قول جميل (٢): [من الطويل]
فما صافِناتٌ حُمْنَ يومًا وليلةً … على الماء يَغْشَينَ العِصيَّ حواني
لَوائبُ لم يَصْدُرنَ عنه بوجهةٍ … ولا هُنَّ من بَرْد الحِياضِ دواني
يَرَينَ حَبابَ الماء والموتُ دونَه … فهنَّ لأصواتِ السُّقاةِ رَواني
بأكثرَ منِّي لَوْعَةً وتشوُّقًا … إليكِ ولكنَّ العدوَّ عَداني
وفي المعنى: [من الطويل]
وما وَجْدُ مِلْواحٍ من الهِيْم حُلِّئتْ … عن الورْدِ حتَّى جَوفُها يَتَصَلْصَلُ
تحومُ وتغْشاها العِصيُّ ودونَها … أكاريعُ أنعامٍ تُعَلُّ وتُنْهَلُ
بأظمأ منِّي غُلَّةً وتشوُّقًا … إلى الورْد إلَّا أنَّني أتَعَلَّلُ (٣)
وقريبًا منه: [من الطويل]
وما ذاتُ طَوْقٍ في فروعِ أراكةٍ … لها رَنَّةٌ تحت الدُّجى وصُدُوحُ
ترامَتْ بها أيدي النَّوى وتمكَّنتْ … بها فُرْقَةٌ من أهلها ونُزُوحُ
فحلَّت بزَوْراء العراق وزَرْبُها … بعُسْفانَ ثاوٍ منهم وطَليحُ
تحنُّ إليهم كلَّما ذرَّ شارقٌ … وتَسجَعُ في جُنْحِ الدُّجى وتَنُوحُ
بأبْرحَ من وَجْدِي لذكراكُمُ متى … تألَّقَ برقٌ أو تَنسَّم ريحُ (٤)
(١) الخبر والأبيات في أشعار أولاد الخلفاء ١١٤ - ١١٥، وتاريخ بغداد ١١ / ص ٣٠٢ - ٣٠٣ بين ابن المعتز وثعلب، وانظر ديوانه ص ٢٩٨.
(٢) كلام المصنف هذا ليس له، وإنما هو لثعلب كما نقل الصولي ص ١١٥، وعنه الخطيب ١١/ ٣٠٣، وأبيات جميل الآتية في ديوانه ص ٢٠٥.
(٣) الأبيات دون نسبة في البيان والتبيين ٣/ ٥٥. والملواح في الدواب: السريع العطش، وحُلِّئت: مُنِعت. اللسان: (لوح)، (حلأ).
(٤) نسبها ابن خلكان في وفيات الأعيان ٣/ ٤٩٨ لفخر الدين صاحب تكريت.