ولمَّا رأى رسول الله ﷺ يوم الخندق أبا سفيان راكبًا ومعاويةُ يقودُه وابنُه يزيد بن أبي سفيان قال: وذكر الحديث (١).
وإنَّ أبا سفيان كان يقول: تلقَّفوها [تَلَقُّفَ] الكُرة، فما ثَمَّ جنَّةٌ ولا نارٌ، وكان يقول: ها هنا ذَبَبْنا محمدًا وأصحابَه (٢).
وأنزل الله تعالى على رسوله ﷺ: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَينَاكَ إلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ﴾ [الإسراء: ٦٠] فإنَّه رأى بني أميَّة يَنْزُون على منبره نَزْوَ القِرَدَة، فساءه ذلك.
وكان الحكم بن أبي العاص يتجسَّس على رسول الله ﷺ، ويَنقل أخبارَه إلى الكفَّار، ورآه يومًا وهو يُحاكي رسولَ الله ﷺ في مشيته فقال: كن كذلك، فكان.
ودعا رسول الله ﷺ يومًا معاوية، فقيل له: إنَّه يأكل، فقال:"لا أَشْبَعَ [الله] بطنَه"(٣)، فما شبع بعدها.
ثمَّ إنَّ معاوية وَثَب على أفضل المسلمين مكانًا، وأقْدَمِهم سابقة، وأحسنِهم أثرًا، أميرِ المؤمنين عليِّ بن أبي طالب، فنازعه حقَّه بباطله، وقاتله بغُواته، وقد قال ﷺ لعمار:"تَقتُلُك الفئةُ الباغية".
وانبرى على هذه الأمَّة، فابْتَزَّهم أمرَهم من غير رِضًى ولا مَشورة، فسفك الدِّماء المحرَّمة، ونهب الأموال، وسبى الحَريم، ومنع من الحقوق أهلَها، وقتل خيارَ الصَّحابة: حُجْر بن عديِّ، وعَمرو بن الحَمِق (٤) وأمثالهما، وادَّعى زياد بنَ أبيه بن سميَّةَ الفاجرة جَراءةً على الله، ومخالفةً لرسوله؛ لأنَّ الله تعالى قال: ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ﴾ [الأحزاب: ٥] وقال ﷺ: "الولد للفراش وللعَاهِرِ الحَجَر"(٥).
(١) ونصه كما في تاريخ الطبري ١٠/ ٥٨: لعن الله القائد والراكب والسائق. (٢) في الطبري ١٠/ ٥٨: ومنه ما يروون من وقوفه على ثَنيَّة أُحد بعد ذهاب بصره وقوله لقائده: هاهنا ذببنا محمدًا وأصحابه. (٣) أخرجه مسلم (٢٦٠٤) من حديث ابن عباس ﵃ أجمعين، وما بين معكوفين من الطبري ١٠/ ٥٨. (٤) في (خ): عمرو بن الجموح، والمثبت من تاريخ الطبري ١٠/ ٥٩، وتاريخ الإسلام ٦/ ٦٥٥. وهو الصواب فإن عمرو بن الجموح استشهد يوم أحد. وينظر أسد الغابة ٤/ ٢٠٦. (٥) أخرجه البخاري (٢٠٥٣)، ومسلم (١٤٥٧)، وأحمد (٢٤٩٧٥) من حديث عائشة ﵂ وأخرجه =