وقال [الخطيب بإسناده عن الحسين بن أحمد النديم قال: سمعتُ] محمد بن علي المادَرَائي [يقول]: كنتُ أجتاز بتربة أحمد بن طولون فأرى شيخًا ملازمًا للقراءة على قبره، ثمَّ إنِّي لم أره مدَّة، ورأيتُه بعد ذلك، فقلت له: ألستَ الذي كنتُ أراك عند قبر أحمد بن طولون تقرأ عليه؟ قال: بلى، قد [كان] وَلينا في هذه البلد، [وكان] له علينا بعض العدْل وإن لم يكن الكلّ، فأحببت أنْ أصِله بالقرآن، قلت: فلِمَ انقطعتَ عنه؟ قال: رأيتُه في النَّوم وهو يقول: أحبُّ أن لا تقرأ [عليَّ أو] عندي، قلت: فلأيِّ سبب؟ قال: ما تمرُّ بي آية إلا قُرِّعت بها، وقيل لي: أما سمعتَ هذه؟! فهذا كان سبب انقطاعي (١).
ورثاه جماعة، فقال بعض المصريِّين يرثيه:[من الكامل]
يا غُرَّة الدُّنيا الذي أفعالُه … غُرَرٌ بها كلُّ الوَرَى تتعلَّقُ
أنت الأمير على الشَّآم وثَغْرِه … والرَّقَّتين (٢) وما حواه المشرقُ
وإليك مصرُ وبَرْقةٌ وحجازُها … كلٌّ إليك مع المَدى يتشوَّقُ
ذكر أولاده، وما خلف من المال وغيره:
[قال علماء السِّيَر:] خلَّف ثلاثةً وثلاثين ولدًا، منهم سبعة عشر ذكرًا؛ العبَّاس، وخُمارويه، وعدنان، ومُضر، وشيبان، وربيعة، وأبو العَشَائر، وهؤلاء أعيانُهم:
فأمَّا العبَّاس فهو الذي عصى على أبيه، ودخل (٣) إلى الغرب، وحُمل إلى أبيه، توفِّي بعد [وفاة] أبيه بيسير، وكان شاعرًا [فصيحًا]، وهو القائل:[من البسيط]
لله درِّيَ إذْ أعْدو على فرسي … إلى الهِياجِ ونارُ الحرب تَسْتَعِرُ
وفي يدي صارمٌ أفري الرُّؤوس به … في حدِّهِ الموتُ لا يُبقي ولا يَذَرُ
إن كنتِ سائلةً عنِّي وعن خبري … فها أنا اللَّيثُ والصَّمْصَامَةُ الذَّكَرُ
(١) ما بين معكوفين من (ب)، وانظر "المنتظم" ١٢/ ٢٣٣، و"مختصر تاريخ دمشق" ٣/ ١٢٦، و"تاريخ الإسلام" ٦/ ٢٦٩، و"الوافي بالوفيات" ٦/ ٤٣١، و"النجوم الزاهرة" ٣/ ١٤. (٢) في (ب): الرقيتين، وفي (خ) و (ف): المرقبين، والمثبت من "المقفى الكبير" ١/ ٤٢٧، و"النجوم الزاهرة" ٣/ ٢٠. (٣) في (خ) و (ف): فهو الذي عصى عليه ودخل، والمثبت من (ب).