وكان الرجلُ قد أجنبَ في السفر، فتيمَّم وصلَّى، ثمَّ قدمَ فدخلَ المسجد، ولم يعلم أنَّه لا يجوز للجنب أنْ يتيمَّمَ في الحضر (١).
[وحكى أيضًا قال:] اشتهرَ رجلٌ بالولاية، فقال أبو يزيد لبعض أصحابه: قم بنا إليه، فدخلَ الرجلُ المسجدَ وبصق تُجاه القبلة، فرجعَ أبو يزيد وقال لصاحبه: امض بنا، فهذا غيرُ مأمونٍ على أدب من آداب الشريعة، فكيف يكونُ مأمونًا على ما يدَّعيه من الولاية؟! (٢).
[قال:] وغسلَ يومًا ثوبَه في الصحراء ومعه صاحبٌ له، فقال له صاحبه: علِّقه على حائط الكرم، فقال: ما أذنَ لي صاحبه، فقال: علِّقه على الشجر، قال: تنكسرُ أغصانه فيفسد، فقال: ابسطهُ على الإذخِر، قال: يفسد؛ لأنَّ الله تعالى جعلَه علفًا للدواب، ثمَّ ولَّى أبو يزيد ظهرَه إلى الشمس، وجعل القميصَ على رأسه وظهره، وقلَّبَه حتى جفّ، ثمَّ لبسَه (٣).
[قال:] ودخلَ يومًا إلى الجامع، فغرسَ عصاه في الأرض، فوقعت على عُكَّاز شيخٍ إلى جانبه، فوقعَ العكَّاز، فقام الشيخُ فانحنى وأخذَه، فقام أبو يزيد إلى الشيخ وقبَّل رأسَه وحاللَهُ، وقال: إنَّما انحنيتَ وأخذتَ العكَّازَ بسببي (٤).
[قال:] وقدمَ شقيقٌ البلخيُّ وأبو تراب النَّخْشَبيّ عليه، وقُدِّمت السُّفرة، وهناك شابٌّ جالس، فقال له أبو يزيد: قم وكل مع الشيوخ، فقال: أنا صائم، فقال له أبو تراب: كل ولك أجر صوم شهر، فأبى، فقال له شقيق: كل ولك أجر صوم سنة، فأبى، فقال لهم أبو يزيد: دعوا من سقطَ (٥) من عين الله، فأُخِذَ الشاب بعد سنةٍ في تُهَمَة، فقطِعت يده.
[قال:] وقال عُمر البِسْطامي (٦): كنَّا قعودًا في مسجد أبي يزيد، فقال: قُوموا بنا
(١) من قوله: وكان الرجل. . . إلى هنا ليس في (ب). وانظر مناقب الأبرار ١/ ١٨٧، وطبقات الصوفية ص ٧٠. (٢) مناقب الأبرار ١/ ١٨٩، والرسالة القشيرية ص ٧٢ - ٧٣. (٣) مناقب الأبرار ١/ ١٩١ - ١٩٢. (٤) مناقب الأبرار ١/ ١٩٢، وانظر الرسالة القشيرية ص ١٩٠. (٥) في (ب): دعوه فقد سقط وانظر مناقب الأبرار ١/ ١٩٤، والرسالة القشيرية ص ٤٩٩. (٦) في مناقب الأبرار ١/ ١٩٤، والرسالة القشيرية ص ٥٥١: عمي البسطامي.