المهتدي وهو قائمٌ يصلِّي المغرب، فلم يزدهم على أن قال: وارُوه، فلمَّا أن كان يومُ الاثنين تاسع صفر (١) حملُوا رأسَه على قناة، ونودي: هذا جزاءُ من قتلَ مولاه، [ونصب] (٢) بباب العامَّة ساعةً، ثم نُحّي، وفُعِل به ذلك ثلاثةَ أيَّام (٣)، وقال السَّلوليُّ لموسى: [من البسيط]
ونِلتَ وتْرَك من فرعونَ حينَ طغَى … وجئتَ [إذ جئتَ] (٤) يا موسى على قَدرِ
ثلاثةٌ كلُّهم باغٍ أخو حَسدٍ … يرميكَ بالظُّلم والعُنوانِ عن وَتَرِ
وصيفُ بالكَرْخِ ممثُولٌ به وبُغا … بالجسرِ محترقٌ بالجمر والشَّررِ
وصالحُ بن وصيفٍ بعدُ منعفرٌ … في الحير جيفتُه والروحُ في سَقرِ
ورثى المهتدي صالحًا فقال: [من مجزوء الخفيف]
رحمَ اللهُ صالحَا … فلقد كان ناصحَا
ثم أضحى وقد ترا … مي به الدهرُ طائحَا
والمنايا إن لم تُغَا … دكَ جاءت روائِحا (٥)
وقال الصوليُّ: عذبوه كما فَعَل بالمعتزّ، ثم أدخلوه الحمام حتَّى قرَّ بالأموال، ثمَّ خنقوه، وقال أحمدُ بن صالح (٦) الخرَّاز: [من الطويل]
دماءُ بني العباس غير ضوائع … ولا سيَّما عند العبيدِ الملاطعِ
طغى صالحٌ لا قدَّس اللهُ صالحًا … على ملكٍ ضخم العلا والدسائعِ
طغَى وبَغى جهلًا ونَوْكًا وغرَّةً … فأورد مولاهُ كريهَ المشارعِ
وكان له ذو العرشِ طالبَ وتره … بموسى وموسى شاكر للصنائعِ
يطيفُ برأسِ العبد ظهرًا وجسمُه … لقىً للضباعِ الناهشات الخوامعِ
(١) كذا في (خ) و (ف)، والصواب -كما في تاريخ الطبري ٩/ ٤٥٤ - : لسبع بقين من صفر.
(٢) في (ف) بياض، وما بين حاصرتين استدركته من تاريخ الطبري ٩/ ٤٥٤.
(٣) من قوله: ونصب إلى هنا ليس في (خ).
(٤) ما بين حاصرتين من تاريخ الطبري ٩/ ٤٥٥.
(٥) تاريخ دمشق ٨/ ٢٢٨.
(٦) في تاريخ دمشق ٨/ ٢٢٨، والوافي بالوفيات ١٦/ ٢٧٦: أحمد بن الحارث.