والجندب ضربٌ من الجراد، وكان الجاحظُ قبيحَ المنظر دميمًا، ناتئ العينين، قصيرًا مشوّهًا، قال: فخجلتُ منه وانصرفت.
وأما المرأة فكنتُ راكبًا على حمارة، فحَبَقت (٣)، وإذا بامرأتين، فقالت إحداهما للأخرى: وي وي حمارة الشيخ تفعل كذا وكذا، قال: فغاظتني، فقلت: نعم، ما حملتني أنثى إلَّا أصابَها كذا، فقالت: لقد كانت أمُّك تسعةَ أشهرٍ معكَ في جهدٍ جهيد.
وفي رواية: فضربت بيدِها على كتفِ الأخرى، وقالت: لقد كانت أمُّ هذا منه تسعةَ أشهر. . . وذكرتهُ.
قلت: وقد غلبتهُ أخرى، جاءت إليه امرأةٌ فقالت: إنَّ فلانًا يستدعيك، وذكرت رجلًا جميلًا، فقال: وما يريدُ مني؟ قالت: يسألك عن مسألة في علم الكلام، ومشى معها، وأجلسته عند صائغ وقالت: أقعد هاهنا حتى أهيِّئَ لك الجائزة، وأستأذِن لك وأعود، فقعد عند الصائغ عامَّة النهار، والصائغ ينظرُ إليه، ويردِّدُ النظرَ فيه، فضجر وقال للصائغ: أتعرف هذه المرأة؟ فقال: لا والله، وإنَّما جاءت وقالت: عندنا صبيٌّ صغيرٌ يبكي قد منعنا النوم، والساعة آتيك برجلٍ قبيحِ المنظر، تصوِّرُ [بي](٤) على صورته شيئًا يفزعُ به الصغير، وها أنا قد صوَّرتك في هذه الصحيفة، فقام الجاحظُ خجلًا وانصرف.
وحكى الخطيب عن [ابن](٥) أبي الذيَّال قال: حضرنا مع الجاحظ وليمةً، فجاء
(١) الصَّعوة: عصفور صغير، والخش: المكان الذي تقضى به الحاجة في البساتين، والطش المطر الضعيف. اللسان (صعا)، (حشش)، (طشش). (٢) في تاريخ بغداد ١٤/ ١٢٨، وتاريخ دمشق ٥٤/ ٣٥٤ (طبعة مجمع اللغة)، والمنتظم ١٢/ ٩٤: كندب. (٣) أي: ضرطت. القاموس (حبق). (٤) ما بين حاصرتين من (ب). (٥) ما بين حاصرتين من تاريخ بغداد ١٤/ ١٢٩.