السنّ (١)، وولَّى محمد بن عبد الملك الزيَّات، ثم عاد الفضل إلى سرَّ من رأى، فأقام بها إلى أن مات ليلةَ الجمعة لعشرٍ بقين من شوال.
وكان عاقلًا فصيحًا يقول: أمعنتُ النظرَ فِي علمين، فلم أرهما يصحَّان؛ النجوم والسحر (٢).
قال المصنِّف ﵀: وأين هو عن الكيمياء؟! وهو الثالث.
خرجَ الفضل يومًا، فرأى مكتوبًا على باب داره: [من الطويل]
تفرعنتَ يا فضلُ بنَ مروان فاعتبر … فقبلكَ كان الفضلُ والفضلُ والفضلُ
ثلاثةُ أملاكٍ مضَوا لسبيلهم … أبادهمُ التنكيلُ والحبسُ والقتلُ
وإنَّك قد أصبحت للناس عبرةً (٣) … ستودي كما أودَى الثلاثةُ من قبلُ
أراد الفضلَ بن الربيع، والفضل بن يحيى، والفضل بن سهل.
وفيه يقول محمد بن عبد الله التيمي (٤): [من البسيط]
لا تغبطنَّ أخا دنيا بمقدرةٍ … فيها وإن كان ذا عزٍّ وسلطانِ
يكفيك من حادثاتِ الدهرِ ما فعلتْ … يدُ الحوادث بالفضلِ بن مروانِ
إنَّ الليالي لم تُحسن إلى أحدٍ … إلَّا أساءت إليه بعد إحسانِ
العيشُ حلوٌ ولكن لا قاءَ له … جميعُ ما الناسُ فيه زائلٌ فانِ
وقال الفضل: مضيتُ مع المعتصم عليّ بن عاصم أسمعُ عليه، وكان المعتصمُ أميرًا فقال: حدثنا عمرو بن عُبيد، وكان قدريًّا، قال الفضل: فقلتُ له: فإذا كان قدريًّا فلِمَ ترو عنه؟ فالتفتَ إلى المعتصم، وقال: هذا كاتبك يَشْغَبُ علينا، فقال له المعتصم: يا أبا الحسن، أليس القدريَّة مجوس هذه الأمة (٥)؟ قال: بلى، قال: فلم
(١) فِي (خ) و (ف): السند، وهو تصحيف. والمثبت من تاريخ الطبري ٩/ ٢٠، وتاريخ دمشق ٥٨/ ١١٦. والسن قرية فِي طريق الموصل.
(٢) تاريخ دمشق ٥٨/ ١١٤.
(٣) فِي تاريخ دمشق ٥٨/ ١١٧: لعبة، وفي وفيات الأعيان ٤/ ٤٥: ظالمًا.
(٤) كذا فِي (خ) و (ف). وفي تاريخ دمشق ٥٨/ ١١٨: محمد بن عبيد الله العروضي.
(٥) أخرجه أبو داود (٧٦٠٢) من حديث ابن عمر ﵄.