صغيرٌ لم يَثَّغر (١)، فقال له المعتصم (٢) ممازحًا له: أيما أحسن داري أو داركم؟ فقال له الفتح: يا سيدي، دارُنا إذا كنتَ فيها أحسن، فقال المعتصم: والله لا أبرح حتى أنثر عليه مئة ألف درهم، فنثرها.
[وقال الصوليُّ: حدثنا أبو العيناء قال:] غضبَ المتوكِّل على الفتح [بن خاقان]، ثم رضيَ عنه، وقال له: ارفع إليَّ حوائجَك، فقال له: يا أميرَ المؤمنين، ليس شيءٌ من عرض الدنيا وإن جلَّ، يفي برضاك [وإن قلّ]، فحشى فاه جوهرًا (٣).
[قال الصولي:] كان الفتح سيِّدًا [نبيلًا] جوادًا ممدَّحًا.
قال البحتريُّ يمدحُه:[من الطويل]
أطلَّ بنُعمَاه فمن ذا يطاولُهْ … وعم بجدواهُ فمن ذا يُساجِلُهْ
صَفَتْ مثلَ ما تصفو المُدَام خِلالُهُ … ورَقَتْ كما رَقَّ النسيمُ شمائلُهْ
ولما حضرنا سُدَّة الأذن (٤) أُخِّرت … رجالٌ عن البابِ الذي أنَا داخلُهْ
فأفضيتُ من قُرْبٍ إلى ذي مهابةٍ … أقابلُ بدرَ الأُفْقِ حين أقابلُهْ
فسلَّمتُ واعتاقَتْ جنانيَ هيبةٌ … تنازعني القولَ الذي أنا قائلُهْ
فلما تأمَّلتُ الطلاقةَ وانثنَى … إلي ببشرٍ آنستني مخايلُهْ
دنوتُ فقبَّلتُ الثرى (٥) من يد امرئٍ … جميلٍ محيَّاه سبَاطٍ أناملُهْ
أمنتُ (٦) به الدهرَ الذي كنتُ أتَّقِي … ونلتُ به القدرَ الذي كنتُ املُهْ
من أبيات (٧).
(١) في (خ) و (ب): يشعر. والمثبت من تاريخ دمشق ٥٧/ ٤٥٣ (طبعة مجمع اللغة). وقوله: لم يثَّغِر، أي: لم تنبت أسنانه بعد السقوط. انظر تاج العروس (ثغر). (٢) من قوله: وإذا مرض يعوده … إلى هنا ساقط من (ف). (٣) تاريخ دمشق ٥٧/ ٤٥٣. (٤) في (خ) و (ف): شدة الباب، والمثبت من تاريخ دمشق وديوان البحتري. (٥) في تاريخ دمشق والديوان: الندى. (٦) في (خ) و (ف): رميت. (٧) من قوله: قال البحتري … إلى هنا ليس في (ب). وانظر الأبيات في ديوان البحتري ٣/ ١٦٠٨ - ١٦١٠، وتاريخ دمشق ٥٧/ ٤٥٤ - ٤٥٥.