[وروى أبو نعيم أيضًا عن محمد بن خلف المؤدّب قال:](١) رأيتُ ذا النون على ساحل البحر، فلمَّا جنَّ الليلُ نظر إلى السماء والماء، ثم قال: ما أعظمَ شأنكما (٢)، بل شأنُ الله أعظم منكما، فلمَّا تهوَّرَ الليلُ أنشد:[من مجزوء الخفيف]
اطلبوا لأنفسِكم … مثلمَا طلبتُ أنا
قد وجدتُ لي سكنًا … ليس في هواه عنا
إن بعدت قرَّبني … أو قربتُ منه دَنا
وما زال يردِّدُها إلى الصباح (٣).
وقال: دوام الفقر إلى الله مع التخليط أحبُّ إليَّ من دوام الصفاء مع العُجْب (٤).
وكان يقول: إلهى، أنا عبدك مفتقر، وأنتَ مليكٌ مقتدر، أسألُكَ العفوَ تذلُّلًا، فأعطنيه تفضُّلًا (٥).
وقال: إياك أن تكون بالمعرفة مُدَّعيًّا، وبالزهدِ محترفًا، وبالعبادة متعلِّقًا (٦).
[قال:] وقال [ذو النون:] قال الله تعالى في بعض كتبه: من كان لي مطيعًا كنتُ له وليًّا، فليثق بي، وليحكم عليّ، فوعزَّتي لو سألني زوال الدنيا لأزلتُها له (٧).
وقال: الصوفيُّ من إذا نطقَ أبان نطقُه عن الحقائق، وإذا سكتَ نطقتْ عنه الجوارحُ بقطعِ العلائق (٨).
وقال: من أرادَ التواضع فليوجِّه نفسَه إلى عظمة الله تعالى، فإنَّها تذوب وتصفو (٩)،
(١) ما بين حاصرتين من (ب). وفي (خ) و (ف): وقال محمد بن خلف المؤدب. (٢) في (ب): سبحان من أعظم شأنكما. (٣) حلية الأولياء ٩/ ٣٤٤. (٤) صفة الصفوة ٤/ ٣١٩. (٥) حلية الأولياء ٩/ ٣٨٤، وصفة الصفوة ٤/ ٣١٩. (٦) طبقات الصوفية ص ١٨، وحلية الأولياء ٩/ ٣٥٠. ومن قوله: دوام الفقر … إلى هنا ليس في (ب). (٧) طبقات الصوفية ص ١٩، وحلية الأولياء ٩/ ٣٩٤. وما بين حاصرتين من (ب). (٨) طبقات الصوفية ص ١٩. (٩) من قوله: وقال: الصوفي … إلى هنا ليس في (ب).