الطريق، فوجدتُها خفيفةً، فقلتُ: كيف يهدي ذو النون إلى صاحبه سلَّة فارغةً، لأحلنَّها وأنظر ما فيها، [قال:] فكشفتُها وإذا بفأرةٍ قد خرجت منها وذهبَتْ، فاغتظتُ وقلت: سخرَ بي ذو النون، ورجعتُ إليه فقال: أوصلتَها؟ فسكتُّ، فقال: ائتمَنتُكَ على فأرةٍ فخنتَني فيها، فكيف أأتمنُك على اسم الله الأعظم؟! قم وارحل [عنِّي].
[قال أبو القاسم ابن عساكر في ترجمة ذي النون:] كان ذو النون يخرجُ مع أصحابه إلى المطالب، فحفرُوا يومًا، فوجدوا مالًا عظيمًا، ولوحًا من ذهب، فيه مكتوبٌ اسمُ الله الأعظم، فدفعَ إليهم المال وأخذ اللوح (١).
[ذكر بعض كراماته:]
[حكى عنه في "المناقب" أنه قال:] (٢) أتتني امرأة فقالت: [يا ذا النون، أو] يا أبا الفيض، أخذَ التمساحُ ابني الساعة، قال: فرحمتُها وقمتُ معها، فأتيتُ النيل وقلت: اللَّهمَّ أظهر التمساح، فظهر فشققتُ جوفَه، وإذا بابِنها قد ظهرَ صحيحًا [حيًّا]، فأخذَتْه وذهبَتْ، وقالت: كنتُ إذا رأيتُك سخرتُ منك، وأنا تائبةٌ، فاجعلني في حلّ.
[وحكى أيضًا عن يوسف بن الحسين الرازي قال:](٣) كنتُ عند ذي النون، فجاء إليه رجلٌ، وشكا إليه دينًا كان عليه، نحوًا من سبع مئة دينار، فأخذَ ذو النون حصاةً من الأرض، وقال للرجل: خذها، فأرجو أن يكونَ فيها قضاء دينك، فاحتقرَها، ومضى أبها، إلى سوقِ الجوهر، فباعها بألفٍ وأربع مئة دينار.
[وحكى أيضًا عن يوسفُ بن الحسين قال:](٤) تَذَاكَرْنَا يومًا أحوال القوم، فقال ذو النون: إنَّ من طاعة الأشياء للأولياء أن أقول لهذا السرير: در، فيدور، فدار السرير في زوايا البيت، [قال:] وكان معنا فتى، فما زال يبكي حتى مات في وقته ذلك (٥).
(١) انظر الخبر في تاريخ دمشق ٦/ ١٤٩ (مخطوط) والسياق فيه مختلف عما هنا. (٢) ما بين حاصرتين من (ب). وفي (خ): وقال ذو النون. والخبر في مناقب الأبرار ١/ ٨٩. (٣) ما بين حاصرتين من (ب). وفي (خ): وقال يوسف بن الحسين الرازي. والخبر في مناقب الأبرار ١/ ٩٢. (٤) ما بين حاصرتين من (ب). وفي (خ): وقال يوسف بن الحسين. (٥) الخبر في مناقب الأبرار ١/ ٩٦، والرسالة القشيرية ص ٥٣٩ لكن من حكاية أي جعفر الأعور. وما سلف بين حاصرتين من (ب).