نفوسٌ لدى النهرين من أرضِ كربلا … مُعرَّسُهم (١) فيها بشطِّ فراتِ
تقسَّمهُم ريبُ المنونِ فما تَرى … لهم عَقْوَةً (٢) مغشيَّةَ الحُجُراتِ
وقد كان منهم بالحجازِ وأرضِه … مغاويرُ نحَّارونَ للبَدَناتِ (٣)
إذا افتخَروا يومًا أتَوا بمحمدٍ … وجبريلَ والقرآن ذي السُّورَاتِ
مَلامَكَ (٤) في آل النبيِّ فإنّهم … أودّايَ ما عاشُوا وأهلُ ثقات
تخيَّرتُهم رشدًا لأمريَ إنَّهم … على كلّ حالٍ خِيرَةُ الخيرَاتِ
فيا ربِّ زدني في يقيني بصيرةً … وزدْ حبَّهم يا ربّ في حسناتي
بنفسيَ أنتم من كهولٍ وفتيةٍ … لفكِّ عُنَاةٍ أو لحملِ دياتِ
أحبُّ قَصِيَّ الرَّحْمِ من أجل حُبِّكم … وأهجرُ فيكم إخوتي وبناتي
وأكتمُ حُبِّيكُم (٥) مخافةَ كاشحٍ … بغيضٍ لأهل الحق غيرِ مواتِ
ألم تر أنِّي مذ ثلاثون حِجَّةً … أروحُ وأغدو دائمَ الحسراتِ
أليس عجيبًا أنَّ آل محمدٍ … مذودين مطرودين في الفلواتِ
بناتُ رسول الله يسبينَ بالعرا … وآل زيادٍ سُكَّن الحجراتِ
وآلُ رسول الله نحفٌ جسومُهم … وآلُ زيادٍ غُلَّظُ القَصراتِ
أرى فيئَهم من غيرهم متقسَّمًا … وأيديهم من فيئهم صَفِراتِ
إذا وُتروا مَدُّوا إلى واتريهمُ … أكفًّا عن الأوتارِ منقبِضاتِ
فلا والذي أرجوه (٦) في اليومِ أو غدٍ … تقطَّع قلبي إثرهُم حسراتِ
خروجُ إمامٍ لا محالةَ ثائر … يقومُ على اسمِ الله والبركاتِ
يميِّزُ فينا كلَّ حقٍ وباطل … ويجزي [على] النعماء بالزلفات (٧)
(١) عرَّس القوم: نزلوا في آخر الليل للاستراحة. القاموس (عرس).
(٢) العقوة: ما حول الدار والمحلَّة. القاموس (عقا).
(٣) في الديوان ص ٨٣: في السنوات.
(٤) في (خ) و (ف): سلامك. والمثبت من ديوان دعبل ص ٨٤، ومعجم الأدباء ١١/ ١٠٧.
(٥) في (خ) و (ف): حبكم. والمثبت من ديوان دعبل ص ٨٥، ومعجم الأدباء ١١/ ١٠٧.
(٦) في ديوان دعبل ص ٨٦، ومعجم الأدباء ١١/ ٨٦: فلولا الذي أرجوه.
(٧) في الديوان ص ٨٧، ومعجم الأدباء ١١/ ٨٧ - وما بين حاصرتين منهما-: ويجزي على النعماء والنقمات.