وكان يقول: الرحمةُ خورٌ في الطبيعة، وما رحمتُ أحدًا قطّ، فلما وُضِعَ في التنُّور كان يقول: ارحموني، فيقال له: الرحمةُ خورٌ في الطبيعة، أنسيت قولكَ: ما رحمت أحدًا قط (١).
وقال أحمد بن الأحول (٢): لمَّا قُبِضَ على ابن الزيَّات تلطَّفتُ حتى دخلتُ عليه، فرأيتُه في حديدٍ ثقيل، فقلت له: يعزُّ علي ما أرى، فقال: [من الرمل]
سلْ ديارَ الحيِّ ما غيَّرها … وعفاها ومحا منظرَها
وهي الدُّنيا إذا ما انقلبتْ … صيَّرت معروفَها منكرَها
إنما الدُّنيا كظلٍّ زائلٍ … نحمدُ الله كذا قدَّرَها (٣)
ولما أُلقي في التنُّور كتبَ بفحمة: [من مجزوء الرمل]
مَنْ له عهدٌ بنومٍ … يرشدُ الضَبَّ إليهِ
رحمَ الله رحيمًا … دلَّ عينيَّ عليهِ
سهرتْ عيني ونامتْ … عينُ من هُنْتُ عليهِ (٤)
وحكى المسعوديُّ أنَّه طلبَ دواةَ وورقةً بيضاء، فاستأذنَ الموكَّلون فيه المتوكل، فقال: اعطوه، فأتوه بهما فكتب: [من البسيط]
هو السبيل فمن يومٍ إلى يوم … كأنَّه ما تُرِيكَ العينُ في النومِ
لا تجزعنَّ رويدًا إنَّها دولٌ … دنيا تنقَّل من قومٍ إلى قومِ
وبعثَ بها إلى المتوكل، فأمر بإطلاقِه، فوجدوه قد مات (٥).
وابنُ الزيَّات هو الذي كتبَ إليه الحسنُ بن وهب وقَد دام المطرُ أيَّامًا: [من الخفيف]
(١) انظر المنتظم ١١/ ٢٠١، ووفيات الأعيان ٥/ ١٠٠، والوافي بالوفيات ٤/ ٣٢ - ٣٣.
(٢) كذا في (خ) و (ف). وفي المصادر: أحمد الأحول.
(٣) تاريخ بغداد ٣/ ٥٩٥، وتاريخ دمشق ٦٣/ ١٥٤، ووفيات الأعيان ٥/ ١٠١.
(٤) تاريخ بغداد ٣/ ٥٩٥ - ٥٩٦، وتاريخ دمشق ٦٣/ ١٥٤، ووفيات الأعيان ٥/ ١٠٠ - ١٠١.
(٥) مروج الذهب ٧/ ١٩٥.