يا بني العباسِ يأبى الـ … ـلَّه إلَّا أنْ تروسُوا (١)
ولما بُويع أنشدَه أبو تمام قصيدتَه التي يقول في أوَّلها: [من الكامل]
ما للدُّموعِ ترومُ كُلَّ مَرَامِ … [والجفنُ ثاكلُ هَجعةٍ ومنامِ
يَا حفرةَ المعصوم تربُكِ مودعٌ] … (٢) ماءَ الحياة وقاتل الإعدامِ
ما دام هارونُ الخليفه فالهدَى … في غِبْطةٍ موصولةٍ بدوامِ
لمَّا دعوتهم لأجل عهودها (٣) … طار السرورُ بمعرقٍ وشآمِ
لو يقدرونَ مَشَوا على وَجَناتهم … وعُيونِهم فضلًا عن الأقدامِ
هي بيعةُ الرضوانِ يُشْرَعُ وَسْطَها … بابُ السلامةِ فادخُلوا بسلامِ (٤)
وأولُ مجلسٍ جلس فيه الندماء أُنشِدَ بين يديه: [من الخفيف]
فليقلْ فيك باكياتُكَ ماشِئـ … نَ صباحًا ووقتَ كلِّ مساءِ
فبكى الواثقُ والحاضرونَ، ثم غنَّى بعضُ المغنِّين: [من البسيط]
وَدِّع هريرةَ إن الركبَ مرتحلُ … وهل تطيقُ وداعًا أيُّها الرجلُ (٥)
فقال الواثقُ: والله ما سمعتُ تعزيةً ولا نعيَ نفسٍ هكذا، ثم قام من مجلسه باكيًا. (٦)
وقال العتبيّ (٧): كتب دعبل الخُزَاعِيّ أبياتًا، وبعثَ بها في رقعةٍ مختومةٍ إلى الواثق، وهي [هذه الأبيات:] [من البسيط]
الحمدُ لله لا صبرٌ ولا جَلَدُ … ولا رقادٌ (٨) إذا أهلُ الهوى رَقدُوا
خليفةٌ مات لم يَحزنْ له أحدٌ … وآخرٌ قامَ لم يَفرح به أحدُ
(١) كذا في (خ) و (ف). وفي تاريخ الطبري وديوان علي بن الجهم ص ١٤: تسوسوا.
(٢) ما بين حاصرتين من ديوان أبي تمام.
(٣) كذا في (خ) و (ف). ورواية الديوان: لما دعوتهم لأخذ عهودهم.
(٤) ديوان أبي تمام ٣/ ٢٠٣ - ٢٠٧.
(٥) هو للأعشى، ديوانه ص ١٠٥.
(٦) تاريخ الطبري ٩/ ١٥٢.
(٧) من قوله: وقال عليُّ بن الجهم إلى هنا ليس في (ب)، ووقع فيها: وقال الصوليّ: ولما بويع دخل عليه الشعراء. وقال العتبي.
(٨) في ديوان دعبل ص ١١٥: ولا عزاء. والمثبت موافق لتاريخ بغداد ١٦/ ٢٣ والخبر فيه.