لو كان يَصْدُقني دهري (١) بفكرته … ما اشتدَّ غَمِّي على الدُّنيا ولا نَصَبي
أسعى وأجهدُ فيما لست أدركه … والموتُ يقدحُ في زندي وفي عصبي
بالله ربِّك كم بيتٍ مررتَ به … قد كان يَعْمر باللذاتِ والطربِ
طارت عُقابُ المنايا في جوانبه … فصارَ من بعدها للويل والخَربِ
فامسك عِنانكَ لا يجمح به طُلَعٌ … فلا وعيشك ما الأرزاقُ بالطلبِ
قد يُرزقُ العبد لم تتعب رواحلُهُ … ويحرمُ الرزقَ من لم يؤتَ من طلبِ
مع أنني واجدٌ في النَّاس واحدةً … الرزقُ والنَّوكُ مقرونان في سببِ
وخَصْلَةٍ ليس فيها مَن ينازعُني … الرزق أروغُ شيءٍ عن ذوي الأدب
يَا ثاقبَ الفهمِ كم أبصرت ذا حُمُقٍ … الرزقُ أغرى به من لازم الجَرَبِ (٢)
[وقال الصوليّ:] وكان لإبراهيم ولدٌ اسمه [أَحْمد بن] إبراهيم (٣) فمات، فقال يرثيه: [من الطَّويل]
نأى آخرَ الأيَّامِ عنكَ حبيبُ … فللعين سَحٌّ دائمٌ وغُرُوبُ
دعته نَوًى لا يُرتجَى ثوبةٌ (٤) لها … فقلبُك مسلوبٌ وأنت كَئيبُ
يؤوبُ إلى أوطانِهِ كلُّ غائبٍ … وأحمدُ في الغُيَّابِ ليس يَؤوبُ
تبدَّل دارًا غيرَ داري وجِيرةً … سوايَ وأحداثُ الزمان تَنوبُ
أقام بها مُستوطِنًا غيرَ أنَّه … على طُولِ أيَّام المُقَامِ غريبُ
تولَّى وأَبقى بيننا طيبَ ذكره … كباقي ضياء الشّمس حين تَغيبُ
وكان نصيبَ العيِن في كلِّ لحظةٍ (٥) … فأضحى وما للعينِ منه نَصيبُ
وكان وقد زان الرجال بفعله … فإن قال قولًا قال وهو مصيبُ
وكانت يدي ملأى به ثمّ أصبحت … بعدلِ إلهي وَهْيَ منه سليبُ
(١) في تاريخ بغداد وتاريخ دمشق ونسخة كما في هامش المنتظم: ذهني.
(٢) تاريخ بغداد ٧/ ٧٤، وتاريخ دمشق ٢/ ٥٣١ - ٥٣٢ (مخطوط).
(٣) ما بين حاصرتين من (ب) وأشار فيها إلى الأبيات ولم يذكرها.
(٤) في المصادر: أوبة.
(٥) في المصادر: من كل لذة.