محمود الورّاق لنفسه:] (١) [من الوافر]
رجعتُ إلى السفيه بفضل حلمي (٢) … فكان الحِلمُ لي عنه لجَاما
فظنَّ بي السفاهَ (٣) فلم يجدني … أسافهُه وقلتُ له سلامَا
فقام يجرُّ رجليه ذليلًا … وقد كَسب المذلَّة والملاما
وفضلُ الحِلم أبلغُ في سفيهٍ … وأحرى أن تَنَال به انتقامَا
وكانت له جارية يقال لها: نشو، أعطي فيها ألوفًا من الدنانير، فماتت، [وروى الخطيب] (٤) عن أبي بكر الطالقاني عن أبيه قال: كنت عنده والناس يعزُّونه [في جاريته]، فشرع بعض النَّاس يكرِّرُ فضائلَها ليحزنه، ففطن محمود فقال: [من الوافر]
ومنتصحٍ يكرر ذكرَ نشو … ليحدثَ لي بذكراها اكتئابَا
أقول -وَعَدَّ ما كانت تساوي- … سيُخلفها الذي خلقَ السحابَا
عطيَّتُه إذا أعطى سُرورًا … وإن أخذَ الذي أعطى أثابَا
فأيُّ النعمتين أعمُّ فضلًا … وأكرمُ من عواقبها الإيابَا (٥)
أَنِعْمَتُه التي أهدت سُرورًا … أم الأخرى التي أهدَتْ ثوابَا
بل الأخرى وإن نزَلت بكُرهٍ … أحقُّ بصبر من صَبرَ احتسابَا (٦)
وله: [من المتقارب]
يمثِّلُ ذو اللبِّ في نفسه … مصائبَه قبل أنْ تنزلَا
فإن نَزلت بغتةً لم تَرُعْهُ … لما كان في نفسه مَثَّلَا
رأى الهمَّ يفضي إلى آخر … فصيَّرَ آخرَه أوَّلَا
وذو الجهل يأمنُ أيَّامه … وينسى مصارعَ من قد خَلَا
(١) ما بين حاصرتين من (ب). وفي (خ) و (ف): فمن شعره.
(٢) في (خ) و (ف): علمي. والمثبت من (ب).
(٣) في (خ) و (ف) و (ب): السفيه. والمثبت من ديوان محمود الوراق ص ١٧٨ وتاريخ بغداد ١٥/ ١٠٢.
(٤) في (خ) و (ف): فروي. والمثبت بين حاصرتين من (ب).
(٥) كذا في (ب) و (خ) و (ف). وفي تاريخ بغداد ١٥/ ١٠٣ والمنتظم ١١/ ٧٠ وديوان محمود الوراق ص ٧١:
وأكرم في عواقبها إيابا
(٦) ديوان محمود الوراق ص ٧١، وفيه اختلاف يسير.